في اليوم من 7 إلى 9 ديسمبر الجاري، حضر الرئيس الصيني شي جين بينغ القمة الصينية العربية الأولى والقمة الأولى للصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية والقيام بزيارة دولة المملكة العربية السعودية بنجاح. وهذا يُعدّ عملا دبلوماسيا ذا أهمية يتسم بمَعلم فارق في تاريخ العلاقات الصينية العربية، ويدشن عصرا جديدا لعلاقات الصين مع العالم العربي ودول الخليج العربية، كما سيقدم مساهمات مهمة في تعزيز تنمية العالم وازدهاره. ترمز هذه الزيارة إلى ارتقاء العلاقات الصينية السعودية إلى مستويات جديدة، خلال زيارته للسعودية، التقى الرئيس شي جين بينغ بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وأجرى محادثات مع ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، وتوصل الجانبان إلى التوافق المهم الذي تكلل بالنتائج المبهرة. وقعت قيادة الدولتين على «اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الصين والسعودية»، اتفقا على عقد اجتماع بين قيادات الدولتين بالتناوب في الدولتين كل عامين، وترقّت اللجنة الصينية السعودية المشتركة رفيعة المستوى إلى مستوى رئاسة الوزراء وأجمعا على المواءمة بين البناء المشترك ل«الحزام والطريق»، و«رؤية 2030» السعودية. أصدر الجانبان بيانا مشتركا ووقعا 20 وثيقة التعاون التي تغطي مجالات البناء المشترك ل«الحزام والطريق» والطاقة والاستثمار والعدلية والتعليم والإعلام وغيرها. اتفقا الجانبان على الاستمرار في تعزيز تعليم اللغتين الصينية والعربية في البلدين من أجل تعميق التفاهم والتقارب المتبادل بين الشعبين. ستدفع القمة الأولى للصين ومجلس التعاون الخليجي بشكل فعّال الارتقاء الشامل للتعاون بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي وتحقيق طفرة في تنمية العلاقات. ألقى الرئيس شي جين بينغ كلمة مهمة في قمة الصين ومجلس التعاون الخليجي، مشددا على ضرورة أن تكون الصين ودول مجلس التعاون الخليجي معا شركاء لتعزيز التضامن وشركاء للسعي وراء التنمية وشركاء لتحصين الأمن وشركاء للنهوض بالحضارة، واقترح خمسة مجالات رئيسية للتعاون بين الصين ومجلس التعاون الخليجي خلال السنوات الثلاث إلى الخمس القادمة. وأصدر الجانبان «البيان المشترك للقمة الصينية الخليجية»، و«خطة العمل 2023-2027 للحوار الإستراتيجي الصيني الخليجي»، وأعلنا عن تعزيز الشراكة الإستراتيجية التي أقامتها الصين ومجلس التعاون الخليجي لوضع الخطوط العريضة لتنمية التعاون العملي بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي. كانت القمة الصينية العربية تبشيرا بفتح عصر جديد من بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك يدا بيد. ألقى الرئيس شي جين بينغ كلمة هامة في القمة الصينية العربية، وصقل روح الصداقة الصينية العربية الممتدة لآلاف السنين التي ستصبح أكثر عمقا مع مرور الوقت، واقترح أن تعمل الصين مع الجانب العربي لتنفيذ «الأعمال الثمانية المشتركة»، التي تغطي المجالات الثمانية التالية: تدعيم التنمية، الأمن الغذائي، الصحة، التنمية الخضراء والابتكار، أمن الطاقة، الحوار بين الحضارات، تأهيل الشباب، الأمن والاستقرار، فقد وضع تصميما على أعلى مستوى لتنمية العلاقات الصينية العربية في العصر الجديد، مما كمّل وحسّن الإطار الأساسي للتعاون العملي بين الجانبين. أصدر الجانبان الصيني العربي «إعلان الرياض للقمة الصينية العربية الأولى»، و«الخطوط العريضة لخطة التعاون الشامل بين الصين والدول العربية»، و«وثيقة بشأن تعميق الشراكة الإستراتيجية الصينية-العربية من أجل السلام والتنمية»، واتفقا على بذل كل الجهود على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد، مما يظهر الإمكانيات الهائلة والآفاق الواسعة للتعاون الصيني العربي في المستقبل. لقد رسمت المقترحات الهامة التي طرحها الرئيس شي جين بينغ في القمم الطريق إلى الأمام لبناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك ووضعت تصميما على أعلى مستوى لتنمية العلاقات الصينية العربية في العصر الجديد، تماشيا مع الرغبات والمتطلبات المشتركة للجانبين، وتلقى ردودا إيجابية حارة من رؤساء جميع الأطراف الحاضرة في القمم. وقالوا إن العلاقات الودية بين الدول العربية والصين قائمة على أساس الاحترام المتبادل والتعاون المتكافئ والمنفعة المتبادلة والفوز المشترك، يولي الجانب العربي اهتماما بالغا بإنجازات التنمية العظيمة التي حققتها الصين ودورها المهم على الساحة الدولية ويؤدي تعميق الشراكة الإستراتيجية العربية الصينية إلى تحقيق العدل والإنصاف والحفاظ على السلام والتنمية العالميين بشكل أفضل، وفي صالح تحقيق المتطلبات المشتركة للشعوب العربية والصينية. تعد زيارة الرئيس شي جين بينغ إلى السعودية أول زيارة يقوم بها زعيم الصين إلى دولة في منطقة الشرق الأوسط عقب المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني وهي مسيرة لتوارث الماضي ولفتح الآفاق معا، التي لا تدفع تنمية العلاقات الصينية السعودية إلى مرحلة جديدة فحسب، بل تضع نموذجا للاحترام المتبادل والمعاملة المتساوية والتعاون المربح للجانبين بين الصين والدول العربية، مما يؤثر تأثيرا نموذجيا إيجابيا في بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية وإقامة علاقة دولية من نوع جديد.