إذا أردت أن تقرأ عن كرة القدم بتفاصيلها الجميلة والأنيقة والفاتنة، فعليك أن تبحث عن كاتب يشبهك في براءتك في طفولتك في صفاء سريرتك، كاتب يشبه الموسيقى والبياض وبزوغ الفجر وتباشير النهار، كاتب تفاؤلي مبهج يشعرك بأنه يسكن في وجدانك كما تسكن لعبتك.. مزحتك.. ضحكتك، يأخذك من تحت ذراعك كما ترقص ماجدة الرومي «نجمة الصبح» على كلمات نزار قباني الذي يزرعها في إحدى الغيمات، يبتعد بك عن الحالات النفسية المستعصية مثل تلك التي دخلت مضمار هذه اللعبة وهي تحمل شعور الكراهية والعدائية والغضب، كاتب على طريقة الإسباني خافيير مارياس في عاطفته المتوحشة كما يقول لأنها انتعاش الطفولة بين الخوف والرعشة بين الدراما والقلق وربما مدرسة للسلوك والحنين فكرة القدم ذاكرة متأنية ونسيان سريع. سألت نفسي وأنا أهم بالكتابة حول كأس العالم 2022 كيف سنرقص حفاوة بهذه اللعبة وليس فينا مارادونا؟.. ذاك الكائن الذي لن يتكرر، يشبه فلكلور «المقاومة» ويتمثل في «النضال» ويركض كالفقراء ويلعب كالأطفال فيه من الصلابة والإصرار والحضور والشجاعة ما فيه ويغيب عن كرة القدم كأنه يقول «إذا متّ، كمقاوم.. فعليكِ دفني، ادفنيني، أعلى الجبال، تحت ظل وردة جميلة، وداعًا أيتها الجميلة». أعرف مارادونا على لسان فابيو كانافارو الذي يقول: «عندما بدأت في نابولي، كنت صبياً يجمع الكرات ويعيدها إلى الملعب في مباريات الفريق الأول، ثم لعبت في وسط الملعب أثناء مرحلة الشباب، حتى غير المدرب مركزي وأصبحت مدافعاً، لقد شاركت في تدريبات نابولي وكان وقتها الساحر مارادونا معنا ولا يستطيع أحد التدريب معه لأن الكرة دائماً ما تكون معلقة بقدمه ولن تتمكن أبداً من الحصول عليها وحين سنحت لي الفرصة في أحد التمارين تمكنت من قطعها ثم صمت الجميع من المفاجأة وفكرت حينها لبرهة أن أعيدها إليه! وبعد المران جاءني ودوداً مبتسماً، وأعطاني حذاءه، وهنا أدركت أنه لكي أصبح مدافعاً عظيماً، فعلي مواجهة الأفضل، وكان سري طوال مسيرتي هو البحث عن الأمان في الأداء، نعم لم أفكر أن أكون مدافعاً بعد رؤية أهداف باولو روسي، أو احتفالية تارديلي في المباراة النهائية ضد ألمانيا في مونديال 1982، وأفراح تتويج إيطاليا بكأس العالم، لكنني أصبحت مدافعا وانتهيت مدافعاً». هنا سألت نفسي ترى كيف سيكون وجه كأس العالم وملايين الجماهير تجتمع خلف الشاشات وليس معهم مارادونا وليس فيهم أيطاليا؟