أُقلِّب ذلك القلم يمنة ويسرة، ألقي به على الأرض بين الأوراق المبعثرة والمحبرة الجافة، وأخرى مائلة يراق منها حبر مكثف غليظ كالدماء المتجلطة.. أتصاب المحابر بالأمراض؟! ربما الخيبات المتوالية وشعور عدم الانتماء للمواقف والأشخاص الذين كابدنا منهم مرارة الخذلان وأرقنا أوقاتنا معهم يبعث في النفس عدم الرغبة لتحريك ريشة أو نفث أدنى شعور. أين أنا ؟!.. أبحث عن ذاتي المتوارية بين المواقف والأشخاص، أفتش عن إنسانيتي والتي قلما أفتقدها بعد الخيبات فتتوارى وتنحجب حتى أعيد ترميم ذاتي بعد الصفعات، أظل أردد نشيد أنا إنسان لست معصوماً عن خطأ أو نسيان، لكنني مسؤول عن بناء جسد كالبنيان يشد بعضه بعضاً، فأبحث عن أهل المروءة والكرم لأحذو حذوهم فأتذكر قوله تعالى: (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)، ذكِّر وتذكَّر وجاور من يذكِّرك بإنسانيتك، وعظم صنيعك وخلقك الفاضل، ولا تعاشر جحوداً يهدم إنسانيتك ويسيء الظنون لنيتك وإن صفت، فكم نحن بحاجة لمن يمد يد العون ويخلل أصابعه بين أيدينا لنمضي واثقين مسرورين، فالحياة أجهدتنا بما يكفي، ألا نستحق معيناً بعد الله يكابد معنا ويتسامر لردم شقوق الحزن الحالكة ويشعل مصابيح الأمل في طريقنا الوعر. لنكن قبساً من نور ومشعل حياة لمن حولنا.. لنكن عطراً يبقى أثره وإن رحل.. لنكن نخلة جذعها ثابت وأجرها في السماء.. لنكن حياة وسعادة وأملاً.