من المهم جداً لكل من يعمل بالميدان التربوي والتعليمي أن يكون قدوة حسنة لكل من يتعامل معه، وأن يعكس بأخلاقه وتعامله أخلاق الإسلام ومبادئه لتكون منهجه في الحياة، فيكسب بها رضا الله ومحبة خلقه، وهذا مطلب وتحقيقه ضرورة بِغَضِّ النظر عن المصالح، أو البحث عن تحقيق المنافع الدنيوية، فهي أهداف مؤقتة، وبالتصَنُّع هي حتماً ليست محققة، فمن تصنعها لحاجة سرعان ما تزول عنه وتُكشف حقيقته، ومن امتلكها فعلاً فهي كفيلة بأن تظهر سليقته، وتتحدث عن نفسها بطريقتها لا بطريقته، حتى وإن لم يسعَ هو لإظهارها «ولنا في رسولنا أسوة حسنة». حسن التعامل مع الآخرين ولين الجانب لهم له مفعول السحر في تذليل الصعاب ونيل الرغاب، ومن تحلى بها لا يخاف ظلماً ولا بُغْضَاً يهاب، وهو حال المسلم الذي ينبغي أن يكون عليه، لا سيما أن «الدين المعاملة»، فمن اعتمد هذه القاعدة وجعلها منهجاً له في سائر شؤونه؛ ساق الله النجاح إليه سوقاً، وذاق طعم الكفاح وطار إليه شوقاً. وكما كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة لنا في الأخلاق علينا أن نجعله قدوة لنبلغ الآفاق، فقد كان عليه الصلاة والسلام حريصاً على أن يخطط لكل أمر قبل عرضه، ويستعد لكل بحر قبل خوضه، وكان يضع لنفسه أهدافاً، ويضع ثوابته وفرضه، ويتهيأ لنجاحه وفشله، فيقدم عليه واثقاً، ولا يترك أمامه عائقاً، ويكون مع نفسه صادقاً، فلا يفعل إلا ما كان به لائقاً. نحن المعلمون ورثة هذا المنهج، وعلينا أن نعتمد خطته في المدخل والمخرج، فنجعل التخطيط السليم مفتاحنا، والتعاون المثمر سلاحنا، والمبادرات الهادفة من عناء العمل مراحنا، وفي جني ثمارها أفراحنا ومستراحنا.. وهكذا هو المعلم الناجح، وهذا طريقه إن كان حقاً يكافح.