• المنادي نادى المنادي يا هادي.. سمع النداء، أطل من حائط الفِناء، استجابْ، بين أشجار السدر السامقة في الوادي ظهر أحد رجالات القرية أخبره الخبر (بندقك سقط)، هب من فراشه على صدى هذه الجملة المتكرر في أذنيه، استعاذ، تأمل قليلاً قبل أن يعود إلى نومه. تكرر المشهد بذات تفاصيله. أيقظه.. أدركه الفجر أرقاً تملكته هواجس تجاه والده المسافر. منذ أيامٍ ثلاثة ممتطياً دابته حينها لا وجود لوسائل نقل حديثة ولا وسائل تواصل. سافر الابن في إثر والده سأل عنه، تقصى أخباره، عاد بعد أن اطمأن إلى وصوله وجهته. يومان مضيا وفِي ضحى الثالث نادى المنادي يا هادي.. أطل ينظر إلى الوادي رأى شقيقه في موضع المنادي الأول. نعى إليه والدهما وأردف قائلا الحق بي إلى بيت والدتنا! • دوران عشية عيد صادفهم في الممشى يلعبون، يمرحون، وزع عليهم ما تبقى في جيبه من قطع الحلوى جاء خامسهم في العقد العاشر مدّ يدَه، حظي ببالونة رجع فرحا، نفخ فيها، عقدها، أطلقها، طاردها، يركلها بقدمه، يرفعها عالياً بيده، لم تسعفه رجلاه، تعثر، جلس منهكاً! • تلوّن كلما سُئِل عن حال علاقته مع رفيق دربه أجاب: رافقته كثيراً، اتفقنا، اختلفنا، تحاورنا وحين أصبت بعمى الألوان نأيتُ بنفسي! • الصورة في مقهى ليلي، يحلو لهما الجلوس، أحياناً يحتسيان الشاي والقهوة، يتبادلان القصص والحكايات.. ما إن ينتهي أحدهما من سرد قصته حتى يبدأ الآخر في سرد نسختها الثانية. أدرك الأول لعبة الأصل والصورة مبكراً لكن الحياء منعه. ففي كل مرّة يقول بتهذيب: سبحان الله. • ذاكرة«الذاكرة ممتلئة.. احذف بعض الصور والفيديوهات» لاحت له تلك العبارة على شاشة هاتفه النقال، اطرق متأملاً، متأسفاً، بعضها يستعصي على الحذف.. تمنى لو أنه يستطيع.• لا تنهَجاء دوره، دلف إلى عيادة طبيبه، شكى آلامه الصدرية وصعوبة تنفّسه.. أجرى له كشفاً، نصحه، حذره من التدخين، حثه على الإقلاع، أعطاه وصفة العلاج. اتجه ليصرف العلاج، الصيدلية مقفلة للصلاة، تمشى خلف مبنى المشفى أشعل سيجارة.. لمحه أحدهم، استأذنه في ولاعته. تفرّس فيه فإذا هو طبيبه أعطاه وأنشد في سرّه: (....)!