بعد نحو يومين من تحذيرات منظمة الصحة العالمية من أن فايروس كوفيد-19 يتفشى بتسارع أكبر في أكثر من 100 دولة، خصوصاً في أوروبا الغربية؛ بدأت الدول المتضررة من الموجة الفايروسية الجديدة تتحرك باتجاه اتخاذ إجراءات وقائية. وطالب علماء وأطباء السلطات الصحية في بريطانيا بتهيئة التدابير الصحية اللازمة لمواجهة موجة فايروسية خامسة خلال الخريف والشتاء القادمين، خصوصاً بعدما أظهرت الإحصاءات الرسمية الأسبوع الماضي ارتفاع عدد الإصابات الجديدة في المملكة المتحدة بنسبة 30% خلال أسبوع واحد، ما أدى إلى إصابة أكثر من مليوني نسمة بالفايروس خلال الأسبوع المنتهي في 24 يونيو الماضي. ورجح العلماء البريطانيون أن تصل الموجة الفايروسية الراهنة، التي تقف سلالتا BA.4 وBA.5- المتفرعتان من متحورة أوميكرون- خلفها، خلال بضعة أسابيع. لكنهم قالوا إنه بات حتمياً أن يشن الفايروس هجمة كبيرة خلال الخريف والشتاء، بحسب كبيرة أطباء وكالة الأمن الصحي الدكتورة سوزان هوبكنز. ورأى العلماء البريطانيون أن العنصر الأكبر في الاستعدادات المطلوبة يتعين أن ينصب على تنظيم حملة كبيرة لتوزيع جرعات تنشيطية من لقاحي موديرنا وفايزر-بيونتك، تكون قادرة على استهداف السلالات المتحدرة من متحورة أوميكرون. وطالب المحاضر بجامعة ليدز البروفيسور ستيفن يونغ بالاهتمام بوجه الخصوص بتطعيم الأطفال والمراهقين والشباب. وقال إنه بحسب التجربة المستفادة من الهجمة الفايروسية السابقة، فإن هيمنة أوميكرون ومتحوراتها ستتسبب في إصابة عدد كبير من الصغار والمراهقين، ما سيؤدي إلى تنويم عدد كبير منهم. كما أن إصابتهم تنطوي على خطر إصابتهم بمرض «كوفيد المزمن». وفي الولاياتالمتحدة، حيث عادت المطارات والطرقات السريعة للازدحام، بسبب رغبة مئات الآلاف في السفر للتمتع بعطلة ذكرى استقلال أمريكا، التي تصادف اليوم الرابع من يوليو، طلبت المراكز الأمريكية للحد من الأمراض ومكافحتها من سكان 6 بلديات في واشنطن ارتداء الكمامات داخل الأماكن العامة، وعلى متن وسائل النقل العمومي، بعدما تم تصنيف تلك المناطق ال6 باعتبارها مرتفعة الإصابات بفايروس كوفيد-19. ويشير ذلك التصنيف إلى وجود 200 إصابة من بين كل 100 ألف شخص خلال الأيام ال7 الماضية، أو أكثر من 20 حال التنويم بكوفيد-19 في المشافي من بين كل 100 ألف شخص خلال الأيام ال7 الماضية. وذكرت شبكة تلفزة محلية أن بعض تلك المناطق سجلت 418 إصابة من كل 100 ألف شخص. وسجلت أخرى 207 إصابات من بين كل 100 ألف شخص خلال الأسبوع المنتهي في 23 يونيو الماضي. ونصحت المراكز الأمريكية أي شخص في تلك المناطق ال6 إذا كان يواجه خطر احتمال تدهور حالته الصحية إذا أصيب بالفايروس بألا يكتفي بارتداء الكمامة، بل يحرص على التباعد عن الآخرين لمسافة 6 أقدام، وتفادي الزحام في الأماكن التي تفتقر إلى تهوية جيدة. وفي فرنسا؛ ومع عودة قوافل السياح، نصح المسؤولون الفرنسيون السياح والسكان بمعاودة ارتداء الكمامة. لكنهم لم يعلنوا قراراً ملزماً بذلك، خشية تخويف السياح، وإثارة الاحتجاجات محلياً. وشهدت حالات التنويم بكوفيد-19 ارتفاعاً ملموساً في مشافي فرنسا، بنحو ألف حالة يومياً، طبقاً للبيانات الرسمية. وعلى رغم ارتفاع عدد الإصابات الجديدة، فإن المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية أوليفيا غريغوار شددت على أنه لا توجد نية لإعادة فرض التدابير الاحترازية. وأضافت: «لقد ضاق الشعب الفرنسي ذرعاً بالقيود الصحية. ونحن واثقون من أن الشعب الفرنسي سيتصرف بطريقة مسؤولة». وفي أستراليا؛ قفز عدد الوفيات بالفايروس منذ اندلاع نازلة كورونا هناك إلى أكثر من 10 آلاف وفاة. وحضت السلطات سكان البلاد على التحلي باليقظة. وأعلنت السلطات أن عدد الوفيات بلغ السبت 9984 وفاة. وارتفع الأحد إلى أكثر من 10 آلاف. وقال وزير الصحة الأسترالي مارك بتلر أمس إن الحكومة تتوقع هجمة فايروسية جديدة خلال الأشهر المقبلة، مع تزايد هيمنة سلالتي BA.4 وBA.5 على المشهد الصحي في البلاد. وحذر بتلر بوجه خاص من أن هاتين السلالتين المتفرعتين من أوميكرون تهددان بحالات الإصابة الثانية والثالثة خلال الصيف القادم. ورأى أن الحل الأمثل أن يسارع السكان للحصول على الجرعة التنشيطية من لقاحات كوفيد-19. وقال كبير مسؤولي الصحة بمقاطعة كوينزلاند جون جيرارد أمس (الأحد)، إن ثمة ضغوطاً متفاقمة لإعادة إلزامية ارتداء الكمامة. لكن وزيرة الصحة بالمقاطعة ايفيت داث قالت إن ارتداء الكمامة خيار متروك لكل فرد، إذا رأى ضرورة حماية نفسه صحياً. كوفيد اللئيم.. ضرب مثنى وثلاث ورباع ! لا تصدق المغنية وعازفة الأكورديون في نيويورك إريكا مانسيني (31 عاماً) أن كوفيد-19 استهدفها بهذا الشكل اللئيم. فقد أصابها في مارس 2020؛ ثم في ديسمبر 2021. وأخيراً في مايو 2022؛ على رغم أنها حصلت على جرعتي اللقاح والجرعة التنشيطية الثالثة. وحذر العلماء من أن الإصابة الثانية والثالثة وربما الرابعة والخامسة أضحت واردة، في أتون استمرار الوباء العالمي، ومع التحور الوراثي في سلالات الفايروس. وتشير الأبحاث إلى أن بعض الأشخاص معرّضون للإصابة الثانية وأكثر منها. كما أن بعض ضحايا الإصابة الثانية والثالثة قد يجدون أنفسهم في حال صحية خطرة. وذكرت أسوشيتدبرس أنه لا توجد إحصاءات دقيقة بشأن عدد من أصيبوا للمرة الثانية. لكن ولاية نيويورك تقول إن 277 ألفاً من سكانها أصيبوا بالفايروس مرة ثانية من نحو 5.8 مليون نسمة أصيبوا منذ اندلاع النازلة. ويقول خبراء إن العدد الحقيقي أكبر من ذلك بكثير، خصوصاً أن كثيرين ممن يخضعون للفحص في منازلهم لا يبلغون السلطات بنتائجه. وقد أصيب عدد من المشاهير للمرة الثانية. ومنهم وزير الصحة الأمريكي زافيير بيكيرا، ورئيس الوزراء الكندي جستن ترودو. وأعلن السيناتور الأمريكي عن ولاية الميسيسيبي روجر ويكر أنه أصيب بكورونا للمرة الثالثة. وقال هؤلاء القادة إنهم أصيبوا على رغم خضوعهم للتطعيم، وحصولهم على الجرعة التنشيطية للقاح كوفيد-19. ونقلت أسوشيتدبرس عن مدير معهد سكريبس للأبحاث الدكتور إريك توبول قوله إنه حتى وقت قريب لم يسمع أحد بحدوث إصابة ثانية. لكن أضحى شائعاً اليوم أن يصاب شخص مرة ثانية، وثالثة، وربما رابعة. وأضاف أنه إذا لم تتفتق عبقريات العلماء عن دفاعات أفضل فسيكون تكرر الإصابة أمراً مألوفاً. وقالت المطربة مانسيني إنها حصلت على اللقاح في ربيع 2021، وحسبت أنها باتت محصنة ضد الإصابة. لكنها فوجئت بأنها أصيبت للمرة الثانية بكوفيد-19 في ديسمبر 2021. وزادت: ظننت أن هذه المناعة المتأتية من إصابتي الأولى وجرعتي اللقاح كافية. لكن اتضح لي أنها لا تضمن نجاة الفرد من الفايروس مرة أخرى. وأضافت أنها فوجئت بإصابتها الثالثة بعد فترة وجيزة من حصولها على جرعة تنشيطية من لقاح موديرنا. وذكرت أنها تحرص على ارتداء الكمامة حين تذهب للمتجر، أو تستقل القطار. لكنها حين تصعد على خشبة المسرح لا تغني بكمامة على وجهها. ولا يعرف العلماء لماذا يصاب أشخاص مراراً، بينما لا يصاب آخرون مطلقاً. لكنهم يقولون إن الإصابات «الاختراقية»، أي التي تحدث بعد حصول المصاب على اللقاح، تكون عادة أخف وطأة.