عدت للكتابة بعد انقطاع طويل، فقد ألمّت بي متلازمة «جمود الكتّاب» التي وقفت أمام هيبتها عاجزة عن الكتابة. أيقظ الحس الكتابي في داخلي النقاش السائد مؤخرًا حول النفقة ووجوبها من عدمه للمرأة العاملة. بين كل النقاشات المطروحة في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها لم أجد طرحًا جيدًا يتمحور حول إلغاء نظرة الأشخاص للزواج كعقد مُجرّد، والنظر له كشراكة فعلية لحياة يملؤها التفاهم والتناغم. شراكة مقدسة كهذه في نظري تعني أن كل طرف من أطرافها يُعطي بدون اعتبار للحقوق والواجبات، بل بمبدأ العطاء المُطلق اللامشروط للوقت والمال والجهد والاحترام والحب والتقدير والامتنان، عطاء وتفاهم يتجاوز مفهوم «العلاقة التعاقدية» لمفهوم أسمى وأرقى من «الاستمتاع مقابل الإنفاق». فالزواج ارتباط مقدّس يتخطى الماديات إلى اللامشروط. أعلم أني أتحدث من منطلق مثالي قد لا يكون ممكناً وأن أفضل خيار لجميع الأطراف من وجهة نظر براغماتية (التعاقد وتحديد الحقوق والواجبات والشروط) ولكن حتى في ذلك تكون الشروط لحل معضلة جوهرية في مفهوم الزواج الذي يتطلب محاولة بائسة لحفظ حقوق بديهية لا يجدر حتى النقاش فيها ولا تتفق مع المفهوم الأسمى للعلاقة التي يُفترض أن تكون بين شريكين يُعطي كلٌ منهما الآخر لهدف جعل هذه الحياة قابلة للحياة. فالمعنى الأسمى لهذه الحياة هي الراحة المطلقة والسعادة المطلقة، وبالمجمل أن كل شخص يحاول جعل هذه الحياة محتملة مع نصف آخر يساعد كلٌ منهما الآخر للمضيّ قُدمًا بأكبر قدر ممكن من الراحة والسعادة والاتفاق. هذه الفكرة بالمطلق فكرة أفلاطونية ولكنها ممكنة التطبيق وقد تشكل حلاً جذريًا لمشكلة الطلاق التي بدأت بالظهور. لو حاول كل فرد منا النظر لهذه الشراكة كشراكة مقدسة لا شراكة مصالح لاختلفت الأمور كليًا وتحسنت بشكل كبير العلاقة بين الجنسين بالعموم.