بعيداً عن تفصيل بواعث زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السعودية نهاية رمضان المنصرم، نتطلع أن تفتح أبواباً واسعة للتعاون المثمر بين البلدين، إذ كشفت الزيارة قابلية صناع القرار السعودي للتعاطي بمرونة مع تبدلات السياسات والمواقف الدولية، والحفاظ على ثوابت السياسة الخارجية، فالمملكة -كما هو معروف- تحترم سيادة الدول وتعمل على مد جسور التواصل والتعاون الإيجابي معها. وإذا كانت المصالح تتحكم في قرارات الدول، فإن من المهم في زيارة «أردوغان» أنها جاءت لإصلاح ما تعطل من آفاق، وإعادة قنوات العمل السياسي والاقتصادي والاستثماري والأمني بين البلدين، اللذين يرتبطان بعمق العلاقات التاريخية وروابط الدين والجغرافية. ومثلما تركيا متطورة اقتصادياً وصناعياً، فإن السعودية بموقعها الروحي للعالم الإسلامي وإمكاناتها الهائلة في مختلف المجالات تمتلك رؤية اقتصادية وسياسية واجتماعية، وتسير بثبات بقيادة رشيدة من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين نحو إرساء علاقات دولية تقوم على الاحترام المتبادل وتعميق أفق التعاون مع جميع البلدان ومنها تركيا. نحن أمام تغير مواقف دولية، واعتراف حقيقي بالنهج العقلاني والمتوازن للسياسة السعودية في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وتغليب منهج الحوار والتفاعل البناء لصياغة أمن إقليمي فعال، يسهم في التصدي للتطرف والعدوان، والوقوف في وجه السياسات المزعزعة للاستقرار في الإقليم.