كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن «الشغف»، وانتشرت عبارات من قبيل «اتبع شغفك» و«شغفك طريق سعادتك»، لكن؛ هل الشغف حقيقة أم كذبة؟ وهل الترويج له بهذه الصورة المضللة له تأثير حقيقي أم أنها مجرد عبارات تلقى القبول وتشعر بالسعادة اللحظية؟ حين البحث عن مفهوم «الشغف»، سوف نجد أنه الحب الشديد والشعور بالحماس تجاه شيء ما، وفي الآونة الأخيرة تكرر ربط «الشغف» بالعمل الوظيفي، إذ نسمع من يردد «عمل في شغفك» و«افعل ما تحبه فقط». باعتقادي أنها نظرة غير واقعية، فمع انتشار فكرة تغيير مجال العمل الحالي لعمل موافق لشغف وحماس الشخص؛ تحقيقاً للرضى والراحة النفسية والذي قد يكون تصرفاً شجاعاً، إذ اختاروا العمل الذي يحبونه ويشعرهم بالسعادة والاكتفاء، فلا يمكن تعميم هذه الفكرة على كافة المجتمع. هناك أشخاص ليس لديهم شغف تجاه شيء، أو ربما لم يكتشفوا شغفهم بعد، أو أن المجال الذي هم شغوفون به لا يحقق في الفترة الحالية عوائد مالية أو أماناً وظيفياً، فهل من المنطقي أن نعمم هذه الأفكار وندعو الجميع بأن يتركوا وظائفهم ويتبعوا شغفهم ويذهبوا للمجهول؟ أحياناً قد يكون اتباعنا للشغف غير محقق للسعادة والرضى، وقد لا يوفر وظيفة جيدة أو حياة كريمة، وأيضاً العمل في مجال لست شغوفاً به لا يعني بالضرورة شعورك بالتعاسة، فقد يعمل الشخص في وظيفة مزدهرة ذات عوائد مالية ممتازة وتساعده في تحقيق شغفه الذي قد تكون هواية أو موهبة معينة تحتاج للاهتمام والوقت الكافي والمهارات اللازمة التي لا تستطيع صقلها وتحقيقها سوى بالعمل الوظيفي. أعتقد أنه بدلاً من النصيحة المبهمة التي تقول: «اتبع شغفك في مجال العمل»، علينا أن نقول: «اسعَ وراء عمل يحقق السلام النفسي ويتوفر به الإبداع والحرية الفكرية والتأثير»، فلا نربط السعادة بالعمل في مجال الشغف فقط، بل بالاستفادة القصوى من مكان العمل بكثرة التجارب والخبرات وتوسيع المدارك وتنمية نقاط القوة، حتى يستطيعوا مستقبلاً توظيف شغفهم في أي مجالٍ يرغبون به.