دائماً نحصر المخيلة فيما لا نتمكن من الحصول عليه.. أو ما لا ندركه أو ما هو خارج نطاق واقعنا.. ونعتقد أن ما لم نحصل عليه هو الأهم في الحياة وإنها لن تستقيم إلا به رغم صعوبته أحياناً.. وكونه من المستحيلات.. أو شبهها.. ونظل نركض في دائرة هذا البحث المتخيل البعيد المنال.. وكأنه هو مايلزم الحياة.. أو ما نحتاجه فقط.. لا نرى ما في أيدينا ولا نقرأ الصفحات التي تستحق أن تُقرأ ونستمتع بها.. وبين هذا الركض الذي لا يتوقف والبحث المستمر نعجز عن استيعاب مفهوم أن تكون أسيراً للبعيد.. رغم قدرتك على التحرر والاستمتاع وكسر القيود.. والحياة العادية..! من أبسط الأمور التي لا تحتاج مخيلة أو جهداً أو تفكيراً أن تحب عملك أياً كان ومهما كانت صعوباته.. أن تبذل فيه جهدك المفترض أن تبذله.. أن تقوم به على أكمل وجه.. أن تستمتع وأن تنفذه.. أن تحب ماتفعل.. يقول شارلوك هولمز: «إن السعادة هي أن يفعل كل امرىء واجبه كل يوم».. هذه الشخصية التي أسرتنا في قدرتها على إيجاد حلول للجرائم المستعصية باستخدام التفكير المنطقي والتنكر والتمويه تعد أشهر الشخصيات الخيالية في التحقيق على الإطلاق.. ربما تعكس مقولة هولمز ذلك الدأب والبحث الذي اعتمدت عليه شخصية المحقق والنهايات السعيدة التي يحصل عليها من خلال عمله اليومي..! هل الواجب اليومي هو العمل فقط.. وهو في العادة يقوم به جميع الناس، كل شخص يقوم بعمله وليس بالضرورة العمل الذي نتربح منه.. فهناك الأعمال المنزلية والخاصة والأعمال التطوعية.. في المحصلة هي الأعمال التي علينا أن نؤديها كواجب أولاً وليس كمتعة.. هذا الواجب هو الذي يجلب السعادة.. وأعتقد أننا نشعر بها ببساطة.. فعندما تكون مرتبطاً بعمل أو لديك ماتقوم به وأنجزته سوف تشعر بسعادة دون أن تكون قد خططت لها.. ستغمرك لحظات راحة وهادئة وستمضي داخلها مستمتعاً بها رغم بساطتها واعتيادك عليها..! مابين سعادة أداء الواجب وبين التنصل منه والتعامل معه كصعوبة يومية تبدأ بالإحساس بكآبة وملل وعدم قدرة على أداء الواجب العادي برغبة تدفع للفرح وملامسة السعادة.. مساحة واسعة مكوناتها الشغف كحالة آساسية تدفع للحياة.. يقول ستيفن هوكينغ.. العالم الفيزيائي الشهير الذي توفي أول من أمس «إذا كنت محظوظاً بإيجاد الشغف فلا تتركه».. هذا العبقري الذي تعايش مع إعاقة جسدية كاملة ولم يتبق فيه إلا دماغه العبقري الذي ألهم البشرية بنظريات ستبقى لمئات السنين تعلق بالشغف واعتبره أساس الإبداع وبدون أن تكون شغوفاً لا يمكنك أن تعطي أي شيء أو تقدم شيئاً أو تلمس مشاعرك وتحيلها إلى آمال متسعة.. بدون الشغف تتحول الحياة إلى لحظات بائسة تعبّر ساعاتها ببرود دون أي إحساس بقيمتها أو أهميتها أو حتى التفاعل معها كقيمة أبداعية تمتعك..!! Your browser does not support the video tag.