تبخرت كل تعهدات فصائل «الحشد الشعبي» الحليفة لإيران والمنتشرة في مناطق سهل نينوى التي تضمنت انسحابها وانتشار قوات نظامية بدلا عنها، على رغم مرور أكثر من 40 يوما على إصدار رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي توجيهات بهذا الصدد ضمن سلسلة معالجات اتخذها عقب اعتداء صاروخي استهدف مدينة أربيل منتصف شهر فبراير الماضي. الهجمات التي طالت معسكر زليكان شرقي الموصل حيث تتواجد القوات التركية في الثالث والسادس من الشهر الحالي، وما أعقبها من هجوم على مصفاة للنفط تابعة لشركة «كار كروب»، قرب أربيل، لم تكن سوى البداية. لكن فجر الجمعة كان هناك الاستهداف الأكثر وضوحا في قاعدة «عين الأسد» غربي الأنبار وهو الأول من نوعه منذ 3 أشهر، ما يؤكد تسريبات سابقة أكدتها مصادر مقربة من فصائل مسلحة بوجود توجه لزعزعة الأنبار وإقليم كردستان كأحد أوراق الضغط باعتبارها رسائل مباشرة للزعامات السياسية في تلك المناطق التي ترتبط بالأزمة السياسية الحالية واصطفاف تلك القوى إلى جانب التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر في مشروع تشكيل ما يوصف بتكرار استهداف الأمن في إقليم كردستان وتحديدا أربيل. وهو ما يتضح أنه يستهدف مفاصل اقتصادية واضحة وهي (الطاقة) فقط، ما يُفسر أن إيران ترسل أكثر من رسالة للإقليم بأن اقتصادكم النفطي تحت مرمى نيراننا وأن أي اتفاقية ستقومون بها قد تتسبب بالضرر على الاقتصاد الإيراني أو منافسته، ومن ثم لن نتوانى لحظة واحدة بتدميره، والبعد السياسي ليس ببعيد عن هذا الاستهداف في ظل تصميم الإقليم على الاستمرار في التحالف الثلاثي مع زعيم التيار الصدري، وإذا بقي الإقليم على تصميمه فإن طهران قد تذهب باتجاه أكبر واستهداف مدمر لمصافي النفط فيه. وفي الأنبار فإن الوضع لا يختلف كثيرا عما يحدث في كردستان، إذ لا تزال المناوشات الكلامية مستمرة ما بين المليشيات المرتبطة بإيران مع رئيس مجلس النواب العراقي عن تحالف السيادة السني المتحالف أيضاً مع التيار الصدري، ما يثير الشكوك بأن الأنبار ربما تكون عرضة هي الأخرى لسيناريو عبثي تخطط له إيران خشية أن تحصل الأنبار على صفقات استثمارية كبيرة في ما يخص ثرواتها النفطية والغازية التي بطبيعة الحال ستكون منافسا قويا ومشروعا يعرقل خطط إيران الاقتصادية العامة بأن تتصدر المنطقة بالكامل في ملف الطاقة.