يسهر العمر على شرفة العطر.. محاولاً عقد صداقة مع منحوتة فنية تعبيرية تنتظر أطيافها ريشة الصدفة ونقشة الدهشة.. وفيم بين تيه ضلال وتيه جمال.. يرفل قلمٌ في مبارزة نصال الحروف والقبض على المعاني.. ويقطن عن شواطئها مغترباً دون مدٍّ وبدرٍ وزهرٍ وجزرٍ.. وتأتي قصيدة في معطف سفر على وجه قمر.. تسكب أرواحنا في ورق الذهب على نبض وتر لا تعلمه فنون سحر وحبر ولا مبتدأ ولا خبر. ففي متون الحياة حتى الذكريات قد تتمرد على الاستدعاء وتعتمد الغياب شكلاً من أشكال القوة.. بعضها مراوغة تترك الأبواب مواربة موحيةً بالقدوم.. وما هي سوى ومضة مستبعدة إلا الإياب إلى مدرجات ملاعبها في مدائن النسيان.. فإذا أضحت الحياة صفحة مرّة وغدت القتامة حدودها والحلم هامشها.. فاضت احتمالاتها اللانهائية في فجرها نسباً وغدواً وضحىً متناغماً مصافحاً (التفاؤل) في نسخة أصواته الأولى.. لتعلن (بداية جديدة) مشعة في نضارة بحر وحسن وكمال صبا. عند توازٍ أبدي لجاذبية قمرية على بلاط السعادة.. تناجت الأنوار في محرابها السري.. أشرقت أبجدية لا مرئية إلا لمن فك الأمية الجمالية.. تهاتفت ملاكات الياسمين.. حاورت أنامل الخيال ضفائر الجمال.. فورد عود العنبر في ثباته الثقيل بالغ الثراء عابراً مسار الفجر مكثفاً الفرح إلى أفق أنوار (الأمل) الباذخ الفاخر. إذا كان علم الجمال محال المعرفة أم كان هو أول الفنون.. وإن كان للخيال نوتات تغنت بشدو العصفور الطنّان أو أثيراً مفعماً بأطياف ليست أقل جمالاً من رائحة الأوطان.. فالرواية الكبرى كلها لغة محبة تمجدلت فلسفة كتبت أزاهير القمر!