أول الكلام: للشاعر المصري / محمد أحمد العزب: - أحبّائي: أنا غنّيتُ أغنيتي كما جاءتْ ففيها ألف إيقاعِ وفيها من نشاز اللحن آلاف، وآلافُ! - ويا أسماع جيل اليوم والآتي: صدى كلماتي العذراء: محزون أحبّائي: إذا جئتم ... فقد تجدون أنفسكم كما تَلْتَمُّ فوق الدُرّ: أصداف!! كنت - ذات يوم - أفتّش عن صوت الصديقة العزيزة، الفنانة المتألقة / يسرا، وذلك عبر هاتفها الذي تَعْمد الى تغيير أرقامه دائماً... ولما استعصى صوتها على سمعي: عادتني أصداء من حوار بيني وبينها لم يطل به الوقت كثيراً... خلاصته انها كانت تحكي لي، فقالت: - كنتُ منشغلة بأصدقاء اقتحموا بيتي بدون إنذار او موعد، وصدّقني: فرحتُ بهم جداً، لأنهم ذكّروني بطفولتي البريئة الخضراء التي كنت دائماً أتمنى أن تبقى خضراء لا يلوّثها شيء من كدر هذا الزمان الغريب... ولعل الأهم - يا عبدالله - ألاّ نلوّث افكارنا ونوايا نفوسنا الصادقة الخالية من كل غدر، وخفقات قلوبنا الناصعة!! وحين كنت اتابع تغطية الإعلام المصري المكثّفة لموت الفنانة / الظاهرة، سندريلا الشاشة - كما سمّوها - سعاد حسني، رحمها الله... تكثّفت في سمعي أصداء صوت الفنانة المميّزة / يسرا، في حكايتها التي رويتها، وكان لا بد أن يشيع طيف ابتسامة ساخرة على شفتيّ... فالذين يكثّفون الكتابة الآن عن "سعاد حسني" والإشادة بمواهبها وعبقريتها في لحظة موتها... أين كانوا عنها، وعن منحها صبابة من الفرح والسعادة بكلماتهم هذه عندما كانت على قيد الحياة... تعاني من عزلتها، وأمراضها الجسدية والنفسية؟! الآن - وهي جثمان فاقد الحياة - انبرت كل وسائل الإعلام - مرئية، ومقروءة، ومسموعة - تتحدث عن تميّز سندريلا الشاشة، بعد صمت كل هذه الوسائل طوال سنوات عزلتها وانكفائها على أمراضها ونفسها، ولم يعد أي أحد يذكرها او يتحدث عن محاسنها، بمن فيهم هؤلاء الذين شاهدناهم عبر الشاشة الفضية وسمعناهم يكذبون ويأخذون راحتهم في رواية القصص والحكايات والمواقف... وكل ابطال رواياتهم: أموات، هم متأكدون ان لا احد منهم سيكذّبهم او حتى يصحّح ادعاءاتهم... ولكن غرضهم من وراء هذا التصدي بالعلم لأدقّ اسرار حياة / سعاد حسني الخاصة هو: التفرّد بالمعلومة، وبالعلاقة الخاصة... يا لطيف!! نعم... فقدت السينما العربية: نجمة كانت ظاهرة بموهبتها التي شملت ألواناً من الفنون والإبداع... حتى ظن بعض الراثين لموتها: انها "فلتة" لن تتكرر، وقد كانت فرحة الشاشة. إن "سعاد حسني" هي: قصة هذا الزمان... وتفاصيل حياتها السريعة جداً: مستمدة من بشر هذا الزمان... وكأن / سعاد حسني - كما أتصوّر حياتها - هذه النجمة التي رافقت في مسراها خطوات القمر، والتي عشقت قمراً، نجماً... لكنّ القمر / النجم تخطّاها وانشغل بنيزك بعيد، أو بنجمة أبعد لا تكاد تُرى في زحام النجوم... بهرتها السماء اللانهائية، وافترش ضوؤها الأبعاد، وانتشرت جاذبيتها الى الكواكب الأخرى... وكان جمالها واشياً على طفولتها وطيبة قلبها، ولم يرحمها من مجّانية الطموح الذي يصاحب الموهبة المتفجرة، والجمال الذي يلبّي أحياناً إغراءات الخيال! رحم الله سندريلا السينما / سعاد حسني... كما ندعو بالرحمة لذاكرتنا التي تعاني من التموّه!!