في الشمال من محافظة النماص (حَلَباء)، القرية الريفية العابقة بالأصالة والجمال والكرم والكرام؛ وُلِدت من أبوين نموذجيين للخير والعصامية.. والدان تفانيا في نشأتها وتعليمها وتفانت في البر بهما.. وحين رحل عنها والدها بوفاته؛ واجهت لوعة ذلك الحدث الصادم لها ولأسرتها ولمحبيه بروح الصبر والاحتساب.. لم تكن طفولتها لعبٌ بالعرائس فحسب، إنما شموخ طفلة طامحة، وشموع خطوات علم واثقة، وطموح تيمم صوب المثابرة.. وعندما بدأت رحلتها مع التعليم طفلة ذكية وتلميذة متَّقِدة؛ جالت بعلمها امرأة ناضجة في جلباب معلمة مرموقة ومعطف مدربة محترفة.. تلك هي من اعتنقت النجاح فلازمها، الشاعرة العسيرية هاديه محمد آل دربي العَمري المعروفة ب«الشامخة». لما انضمت «الشامخة» لجوقة الشعراء؛ أفاقت قريحتها الفذَّة بقصائد شاعرة ملهمة، ففاضت شعراً باسقاً غزير المعاني أبهج الناس، ونفذ شعرها بخفة إلى القلوب ففعلت به الأفاعيل.. ولما سارت بأشعارها الركبان بقصائد وطنية وطربية؛ انتشرت دواوينها اللافتة بين ناظمي الشعر ومحبيه ومتذوقيه. تلك «الشامخة» التي اعتنقت الوفاء والولاء؛ قامة نسائية فريدة لخدمة المجتمع بما تقوم به من نشاطات خيرية واجتماعية وإنسانية بجهود ذاتية.. حظيت باحترام واسع في الوسطين التعليمي والاجتماعي.. واصلت نشاطها الخيري والاجتماعي والإنساني.. تبنت توثيق العديد من حالات النقص أو الضعف في الجوانب الخدمية، بلفت الانتباه لها لإصلاحها وتصويبها. لذا؛ أدعو جهة مرجع تلك الشاعرة النظر في العرض عنها لمقام رجل المبادرات والمواقف النبيلة أميرنا المحبوب، أمير منطقة عسير الأمير تركي بن طلال، لتكريمها، تشجيعاً وتقديراً لجهودها الوطنية الدؤوبة التي تذكر فتشكر. أخيراً.. أشير إلى قصة حصولي على ديوانها «مختارات من قصائد الشامخة»؛ ذات يوم كنت في أحد أسواق النماص التجارية بمعيّة عائلتي لقضاء بعض احتياجاتنا، وشهدت تقديمها نسخة من ديوانها لمالك السوق، وفاء وتقديراً لدعمه السخي لدُور تحفيظ القرآن التي تشرف عليها، ومن أخلاق نبيلة وذات خلابة تلقيت وعائلتي نسختين من ديوانها الذي كان من أجمل ما قرأت.. ديوان يصدح بالوطنية الصادقة وبر الوالدين، يتخلله ومضات تراثية محلية تلامس الوجدان.