خرج القائد الأفغاني المخضرم قلب الدين حكمتيار رئيس الحزب الإسلامي من القمقم فور سقوط كابول وسيطرة طالبان على مقاليد الحكم، كأنه يقول بثقة «أنا موجود».. ويبدو ان قادة طالبان الجدد يعلمون جيدا قوة ومكانة حكمتيار ليس فقط في عمق معاقل البشتون، بل في دهاليز وأروقة الازبك والطاجيك، وقدامى قادة طالبان الذين كانوا يوما اصدقاء في ام المعارك ضد الاتحاد السوفيتي سابقا.. ويهدف قادة طالبان من خلال الحوار مع حكمتيار لجس النبض كون قلب الدين ما زال له وزن وصوت في المعترك السياسي وشعبية، ولعب دورا رئيسيا في الحرب الأهلية قبل عقود. وازيل اسم حكمتيار، من قائمة الأممالمتحدة الخاصة بالإرهاب.. ورغم ان الفوضى لا تزال تسود عمليات الإجلاء الضخمة من العاصمة الأفغانية بسبب سوء تنظيم القوات الامريكية، يستمر الحراك الافغاني حيث اجتمعت حركة طالبان في كابول عدة مرات مع القادة السياسيين لبحث تشكيل «حكومة جامعة» وقاد هذا الحراك الرجل الثاني في طالبان الملا عبدالغني برادر.ونشرت حسابات مؤيدة لطالبان على وسائل التواصل الاجتماعي صورا للقاء بين القائد الطالباني حقاني وقلب الدين حكمتيار الذي يعتبر أحد أشرس أمراء الحرب في البلاد لقصفه كابول خصوصا خلال الحرب الأهلية (1992-1996). وكان حكمتيار منافسا لطالبان قبل أن تتولى الأخيرة السلطة بين عامي 1996 و2001. يتوقع راصدو الحركة السياسية أن تشهد الساحة الأفغانية عقد تحالفات جديدة داخل الاحزاب الخارجة عن حسابات طالبان. ويتصدر المشهد الجديد كل من كرزاي وحكمتيار اللذين ينحدران من قبيلة باشتونية، اضافة الى عبدالله عبدالله مهندس تحالف الشمال الذي يسعى إلى تعزيز نفوذه في المرحلة. وتعهدت طالبان بتشكيل «حكومة شاملة»، لكن من السابق لأوانه تحديد شكل هذه الحكومة، والمشاركين فيها، وتحديدا من المسؤولين في الحكومات السابقة. وقال زعيم «الحزب الإسلامي» الأفغاني، قلب الدين حكمتيار، مؤخرا «نحن هنا لإيجاد حل للأزمة في أفغانستان، ولا نريد الحرب.. الناس لا يريدون الحرب». وأضاف حكمتيار، متوجها إلى الشعب الأفغاني، «نحن كما وعدناكم، سنكون معكم.. هذا وقت عصيب على أفغانستان، لكننا معكم.. نحن مع أفغانستان». وأشار إلى أن «هذه الحالة تجعل الحياة في أفغانستان صعبة»، لافتا حصوله على تعهدات من طالبان مفادها أنها «لن تؤذي أحدا ولن تضر أحدا». وأكد حكمتيار «قررنا أن نكون مع الشعب، مع الإسلام، مع احترام المواطن، وأن يكون هناك استقرار في كابول لكل الناس». وكان الرئيس الأفغاني السابق، حامد كرزاي، قد اعلن تشكيل مجلس لضمان نقل السلطة سلميا، يضم رئيس مجلس المصالحة عبدالله عبدالله وزعيم الحزب الإسلامي حكمتيار. ويسعى امراء الحرب للعودة من جديد للساحة السياسية الأفغانية مع إجراء تغييرات بارزة في التوجهات العامة للتجاوب مع التطورات السياسية والأمنية التي تشهدها أفغانستان في الفترة الحالية. ولا يمكن إغفال أن حكمتيار يمتلك خبرة واسعة في التعامل مع خصومه وحلفائه السابقين في آن واحد، خاصة أنه كان حريصا دائما على توسيع هامش الخيارات المتاحة أمامه، وتبنى في بعض الأحيان سياسة «الأبواب غير الموصدة» تحسبا لتغير الظروف السياسية سواء داخل أفغانستان أو خارجها، بشكل سوف يكون له تأثير بارز على مدى قدرته على إعادة صياغة أنماط تحالفاته وتفاعلاته مع القوى السياسية الرئيسية والتنظيمات الإرهابية المسلحة الموجودة على الساحة الأفغانية. ولم يلعب حكمتيار دورا كبيرا فى الصراع السابق فى أفغانستان إلا أنه كان شخصية رئيسية خلال الحرب الأهلية فى التسعينات، وانهالت عليه اتهامات بإطلاق صواريخ عشوائيا على كابول وارتكاب انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان. وتؤكد طالبان أنها تعتزم إقامة «علاقات دبلوماسية جيدة» مع كل الدول، ولن تسمح لاستخدام اراضيها ضد اي دولة. وصدرت مؤشرات انفتاح تجاهها من الصين وروسيا وتركيا وإيران، فيما تبقي الدول الغربية حذرها. وكانت طالبان دعت الأئمة إلى الوعظ بالوحدة خلال صلاة الجمعة الأولى التي تقام منذ استعادتها السلطة.