تبوأت المملكة المرتبة الأولى عالمياً بين الدول الأكثر إصلاحا في بيئة الأعمال ضمن تقرير سهولة الأعمال 2020، وتخطو بجهود حثيثة لتوسيع القاعدة الاقتصادية ومواكبة التحولات النوعية المدفوعة بالتسارع الرقمي حول العالم، وأثبتت جهود مختلف القطاعات في المملكة مدى تقدمها في الثورة الرقمية لتكون بين مصاف الدول المتقدمة، وارتقى ترتيب المملكة إلى المرتبة الثانية في الأمن السيبراني للشركات، ضمن الكتاب السنوي للتنافسية العالمية، والتاسعة في تطبيق وتطوير التقنية. وتفرض تحديات البيروقراطية والفساد التحديث الشامل لاستراتيجيات الحوكمة، والشفافية، باعتماد التحول الرقمي لتسريع مراحل التطور، وتبني وتنفيذ أحدث أنظمة الاتصالات السلكية واللاسلكية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتي تساعد في تسهيل الآليات الشاملة للتحول الرقمي، والبدء في إطلاق اقتصاد متعطش للمعرفة، وتعميم لغة تجارة إلكترونية مغامرة. وتطوير برامج الحكومة الإلكترونية الحالية لتمكين ودعم الجهات الحكومية ومساعدتها في إنشاء خدمات سلسة لتحسين تجربة المستخدم النهائي، وتهدف للوصول إلى حكومة رقمية متكاملة تيسر كافة الخدمات للمستفيدين. متانة سعودية في البنية الرقمية وفّرت السعودية بنية تحتية رقمية أسهمت في تسريع عملية التحول الرقمي، ومكّنت من مواجهة الأزمات المُعطلة لكافّة الخدمات في القطاعين العام والخاص، وأهّلت لاستمرارية الأعمال والعمليات التعليمية وكافّة متطلبات الحياة اليومية للمواطن والمقيم في ظل جائحة كورونا (كوفيد-19)، وصُنفِت المملكة ضمن أفضل 10 دول متقدمة في العالم لما تمتلكه من متانة في البنية التحتية الرقمية. ويهدف مشروع التحول الرقمي لتقديم خدمات متميزة للمواطنين عبر تعاملات إلكترونية تحجّم الفساد وتلجم البيروقراطية، وتُعلي مستوى الشفافية، من خلال تيسير الخدمات الرقمية بآليات سهلة وتطبيقات فاعلة وآمنة، وتكلفة ملائمة ما يحفّز سوق الصناعات الرقمية، ويجذب الاستثمارات الأجنبية، ويخلق فرص عمل بحكم دعم وتنمية الصناعة الرقمية والإبداع التكنولوجي، وإنشاء ممرات رقمية لضمان التوظيف الأمثل لموقع المملكة الجغرافي لتصبح مركزاً عالمياً لخدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. ويوفر تطبيق منظومة الميكنة الوقت والجهد، ويرفع معدلات رضا المواطنين، كون الخدمات تتم دون أي عوائق وفي زمن قياسي في ظل اعتماد ودمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتمكين المواطنين من الخدمات وهم في منازلهم أو مكاتبهم، ما يعني تقليل نسبة الحركة بالمركبات ونقص التلوث بالعادمات ومنع الازدحامات أمام المؤسسات واختفاء ظاهرة موظف راجعنا بكرة. كتاب مفتوح يرصد كل خطوة يؤكد الخبير الرقمي الدكتور سعد علي الحاج بكري، أن الحكومة الإلكترونية تحقق فوائد كثيرة على مستوى الفرد والمُؤسسات والمُجتمع بأسره، على مستوى «التوفير» الذي يتضمن توفيراً في الجهد، والزمن ومساحات العمل، وغير ذلك ثم توفير «النفقات»، وزيادة «الكفاءة»، والإسهام في التنمية وتعزيز استدامتها، وعدّ بكري الخدمات الإلكترونية كتاباً مفتوحاً يرصد كُل خطوة من خطوات الخدمات ويسجلها ويُتيحها ليس للموظف المسؤول عن الخدمة فقط، بل لطالب الخدمة أيضاً، ما يحقق شفافية تنفيذ الخدمات، والتعرف على أي تأخير غير مُبرر، أو أي أداء خارج عن الأنظمة والتشريعات. وأوضح ل«عكاظ» أن المملكة أنشأت «برنامج التعاملات الحكومية الإلكترونية» عام 2005، الذي تحول في 2021 إلى «هيئة الحكومة الرقمية». مشيراً إلى أن الأعوام الماضية شهدت تأسيساً وتقدماً مُطرداً في التعاملات وما تُقدمه من خدمات، عبر تطبيقات عدة منها «أبشر». إضافةً إلى اهتمام المملكة «بالأمن السيبراني» الذي يشمل أمن الخدمات الحكومية الرقمية. مؤكداً أن المملكة، حازت في عام 2020، على المرتبة «13» بين دول العالم في المعايير الدولية للأمن السيبراني، وكانت الأولى عربياً وخليجياً، ولفت إلى أن التقدم المُطرد «للخدمات الحكومية الرقمية» يعزز إسهامات رفاهية الحياة والتنمية وتجاوز البيروقراطية وتحجيم الإهمال، ولجم الفساد. المفهوم الرقمي يرفع الإنتاجية يؤكد المهندس منصور بكر البكر أن التحول الرقمي أتاح فرصة كبيرة لحماية البيئة خصوصاً غابات العالم التي كانت أكثر مورد طبيعي للاستهلاك الورقي واستهلاك الموارد الأخرى؛ ما أدى لخفض كمية الورق المستخدم والمنتج في العالم وبالتالي خفض نسبة الانبعاثات الحرارية والكربون، مشيراً إلى أنه إثر ازدياد إقبال العالم على التحول الرقمي والمملكة على وجه الخصوص، خسرت الكثير من المصانع والشركات وشركات الدعاية والإعلان والمطابع وغيرها وربح التحول الرقمي والبيئة. موضحاً أن صناديق البريد حول العالم كانت مليئة بالأوراق والمنشورات الدعائية وغيرها بكميات مهولة وإثر التحول الرقمي، تم الاتجاه إلى منصات الإنترنت العالمية مثل (فيسبوك - تويتر) وغيرها من المنصات ما وفر مئات الملايين من العملات على الحكومات والشركات، واتسعت مساحات كسب البيئة الخضراء، مؤكداً أنه بارتفاع مؤشر أعمال التحول الرقمي من الحكومات والشركات والبنوك والقطاع الخاص، انخفض مؤشر الأداء البيروقراطي، ما أسهم في تحسين ورفع أداء الحكومات والشركات والقطاع الخاص، وانعكس على نقاء وشفافية بيئة العمل ومكافحة الفساد وغدا التعامل في هذا القطاع أسهل وأسرع، وارتفعت نسبة الإنجاز في جميع القطاعات الحكومية والخاصة ما حسّن بيئة العمل ورفع الإنتاجية. ولفت البكر إلى تنافس المؤسسات السعودية على التحول الرقمي، وعدّ بعض النماذج من القطاعات الحكومية وشبه الحكومية والشركات متميزة رقمياً ومنها (وزارة الداخلية، وزارة العدل، وزارة الصحة، وزارة التعليم) وتطلع لإقبال جميع القطاعات واستخدام التقنية الرقمية للحد من تقليدية المعاملات الورقية واختصار آلية العمل والقضاء على شعار (راجعنا بكرة) والاستعاضة عن الروتين اليومي بالتحول الرقمي. التحول والاحتيال العالمي استحضر المهندس منصور البكر مثال التحول الرقمي لوزارة التعليم أثناء تداعيات جائحة كورونا وقال «ما زال الوقت مبكراً للحكم على التجربة كونها تجربةً وليدة في هذا العالم، مبدياً سعادته بالنجاح النسبي لها في بعض المراحل الدراسية الأولية خصوصا الأقسام النظرية (بوابة التعليم الوطني - عين) لما تشهد من إقبال ملاين المستخدمين، فيما يرى أن الدراسات العليا والتخصصات العلمية مثل الطب، الصيدلة، الهندسة، الزراعة، العلوم، ما زالت تحتاج إلى التدريب والحضور المباشر حتى الآن؛ كونها لا تعتمد فقط على المنهج النظري بل العملي للحاجة لذلك». وثمّن تجربة التعليم بشكل عام، التي أدت الى خفض استخدام الورق والكتب ومستلزماتها بشكل مهول ومفيد وانخفضت أعمال البيروقراطية والتعقيدات في كل أروقة التعليم، ويذهب إلى أن من مخاطر التحول الرقمي، زيادة الاحتيال العالمي في هذا المجال، وتعطل شبكات الإنترنت المحلية والعالمية أو الضغط عليها في الأسواق العالمية والمحلية وبعض الدوائر الحكومية. والطلب العالي على شبكات الإنترنت وارتفاع تكاليف التشغيل والصيانة، وازدحام مواقع الشبكات المحلية والعالمية وعدم كفاية السيرفرات لاستيعاب الطلب، وتهديد الخصوصية الشخصية وسهولة سرقة المعلومات والبيانات من المواقع.