نظمت الجمعية السعودية للطب الوراثي ممثلة بلجنة التوعية والإرشاد الوراثي ندوة «الزواج الصحي والوراثة بين الواقع والمأمول»، وذلك بمشاركة عدد من المختصين في عدد من المحاور التي شملت الأمراض الوراثية وأنواعها، زواج الأقارب والأمراض الوراثية، والاسترشاد الوراثي لدى المقبلين على الزواج، فحص الجينات وتطبيقاته في الوقاية من الأمراض الوراثية، وبرنامج الزواج الصحي في المملكة. وأوضح المتحدث باسم الجمعية الدكتور زهير رهبيني أن الندوة أكدت أهمية نشر ثقافة الزواج الصحي بين أفراد المجتمع وخصوصا في أوساط الشباب والمقبلين على الزواج وفهم الواقع الحالي والوقوف على أبرز التحديات وتقديم أفضل الحلول لمواجهة الأمراض الوراثية. كما كشفت الندوة أن أكثر الأمراض الوراثية انتشاراً في المجتمع السعودي تتضمن أمراض الدم المنجلي والثلاسيميا، والأمراض المتعلقة بالإعاقات الذهنية، والأمراض الاستقلابية، إضافة إلى عشرات المتلازمات الوراثية النادرة مثل متلازمة بارديت بيدل، ومتلازمة ميكل جروبر. وأشار رهبيني إلى أن الندوة تطرقت إلى «الجينوم البشري» الذي يعتبر هو المادة الوراثية التي تتحكم وتنقل الصفات الوراثية الوظيفية أو الشكلية عبر الأجيال، موضحاً أنه عند اختلال تلك المادة المعقدة يؤدي ذلك لما يعرف بالأمراض الوراثية التي تعد أحد أهم أسباب الإعاقات والوفيات لدى الأطفال خصوصا في العالم العربي. وكشف أنه بحسب قاعدة البيانات المتوفرة في المنطقة العربية فإن هناك نحو 700 مرض وراثي متنح في المملكة العربية السعودية بشكل خاص، وعلى الرغم من التقارب المكاني والثقافي والاجتماعي بين المملكة والدول العربية الأخرى إلا أن هناك مسببات وراثية فريدة توجد في المجتمع السعودي دون غيره من المجتمعات العربية. من جهته، نوه رئيس لجنة التوعية والإرشاد الوراثي الدكتور عيسى فقيه في سياق مواجهة مستجدات الأمراض الوراثية وتحديد الأساس الجيني لهذه الأمراض بمشروع الجينوم السعودي الذي يعد أحد المشاريع الصحية الضخمة والذي دشَّن مختبره المركزي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ليكون واحداً من المشاريع الإستراتيجية الهادفة إلى الارتقاء بمستوى العيش والصحة العامة في المملكة من خلال مواجهة هذه الأمراض التي باتت تشكل عبئاً، إذ تُقدَّر التكلفة السنوية لعلاج الأمراض الوراثية في المملكة حسب الموقع الإلكتروني للبرنامج السعودي للجينوم البشري بنحو 30 مليار دولار. واعتبر أن التقدم التقني الذي يشهده الطب الوراثي مع وجود ثورة تقنيات تسلسل الحمض النووي NGS أدى إلى تسهيل التشخيص والتعرف على طبيعة المرض الوراثي وسبل علاجه، الأمر الذي انعكس إيجاباً على رفع جودة الحياة بين مرضى وأسر من يعاني من أمراض وراثية. وإمكانية إجراء فحوصات الجينات محلياً حيث تعددت تقنيات تلك الفحوصات بحسب حالة المريض وطبيعة المرض، فمنها ما يكون قبل الزواج ومنها ما يكون أثناء الحمل والعديد منها بعد الولادة. ورجح المشاركون في الندوة أن يكون «زواج الأقارب» هو أحد أسباب ارتفاع نسبة الأمراض الوراثية المتنحية في المملكة، فيما تشير الدراسات الجينية التي أجريت على مرضى من المجتمع السعودي من ذوي الإعاقات العقلية والحركية إلى أن الطفرات الجينية الوراثية من النوع المتنحي هي الأكثر انتشاراً مقارنة بالطفرات الوراثية الأخرى. ودعوا إلى توسيع دائرة المعرفة لتتضمن شرائح المجتمع وخصوصا الشباب والمقبلين على الزواج بهدف الوقاية من الأمراض الوراثية من خلال التوسع المقنن والمنهجي في إجراء الفحص الجيني الشامل باستخدام تقنيات فحص الجينات في الأسر فور اكتشاف مرض وراثي لأحد الأفراد وتعريف حاملي المرض في الأسر التي يكثر فيها زواج الأقارب، مؤكدين أهمية دور المختصين في تقديم الاستشارات الوراثية لتقليل حدوث الأمراض الوراثية بين الأسر وخصوصا عند اختيار شريك الحياة. وأكدت الندوة أهمية الفحوصات الجينية في العصر الحاضر للزواج الصحي خصوصاً عند تحديد ما إذا كان الزوجان أو أحدهما يحمل طفرة جينية قد ينجم عنها طفل مريض «وراثيا» وبالأخص في الأسر ذات التاريخ الأسري الواضح، حيث يمكن لتلك الفحوصات الوراثية تحديد أفضل السبل والطرق العلاجية والتدخلات الطبية المناسبة للزوجين. كما تبرز أهميتها في إمكانية الاستفادة منها في تجنب أو الحد من نسبة تكرار الإصابات بالأمراض الوراثية بواسطة الفحص الوراثي الجنيني أثناء الحمل أو عبر الطرق المبتكرة حديثا مثل الفحص الوراثي الخلوي قبل الانغراس. واختتمت الندوة باستعراض جهود الجمعية السعودية للطب الوراثي في زيادة الوعي المجتمعي عموماً والمقبلين على الزواج خصوصاً وأهمية برنامج الزواج الصحي في الكشف عن أمراض الدم الوراثية والأمراض المعدية والحد من انتشارها.