حذر رئيس الجمعية السعودية للطب الوراثي، الدكتور زهير رهبيني، استشاري أمراض الوراثة وطب الأطفال من انتشار الأمراض الوراثية في المملكة في ظل التهاون بالإجراءات الوقائية من قبل المجتمع، على الرغم مما قدمته حكومتنا الرشيدة من جهود ملموسة في رفع مستوى الوعي للمواطن. وأكد أن الإجراءات الوقائية تقلل من احتمالية الإصابة بالمرض الوراثي، منوهاً بأهمية الكشف الطبي على جميع أفراد العائلة، والذي يحد من الأمراض الوراثية في المستقبل. وفيما أكد رهبيني على أهمية فحص الزواج، إلا أنه أشار إلى أن أهمية هذا الفحص تنعدم في ظل خضوع الزواج لعدد من المعتقدات القبلية والقرابية التي تزيد من مشاكل الأمراض الوراثية مستقبلاً مع الأطفال المواليد، مطالباً برفع مستوى الوعي الصحي الوراثي لدى أبناء المجتمع ومن هم في سن الزواج من خلال تكاتف الجهات التعليمية والهيئات العلمية والمهنية داخل وخارج المملكة. وأوضح «رهبيني» أن المعايير التي تُستخدم في فحص ما قبل الزواج حالياً تقتصر على تحليل نوعين من الأمراض الوراثية فقط، وكشف أن هذه المعايير لا تراعي الأمراض الأكثر شيوعاً في كل منطقة على حدة، مؤكداً أن حكومتنا الرشيدة أقرت الكشف الطبي قبل الزواج عام 1425 بشكل إلزامي، «مع عدم الالتزام والتدخل في قرار الأسرة عند ظهور النتائج بشكل غير متوقع»، حيث اقتصر هذا الفحص على الكشف عن مرضين رئيسيين من أمراض الدم الوراثية وهما فقر الدم المنجلي (الأنيميا المنجلية) وفقر دم البحر المتوسط (الثلاسيميا) لانتشارهما في المملكة العربية السعودية. وطالب رئيس الجمعية السعودية للطب الوراثي بوقفة اجتماعية جادة نحو الإيمان بنتائج الفحص الطبي للزواج، ونوه إلى أن عدم توافق نتيجة الفحص الطبي قبل الزواج هو مؤشر طبي لأن يكون سبباً في إنجاب أطفال حاملين لأمراض الدم الوراثية. ودعا الشباب والفتيات ممن يخضعون للفحص الطبي بالالتزام بنتائج الفحص مهما كانت والبعد عن التقاليد والعادات الاجتماعية التي أصبحت حجر عثرة في سبيل تطور هذا الطب واثقال كاهل الأسرة. وطالب «رهبيني» بإجراءات اكثر صرامة في سبيل منع إتمام الزواج غير المتوافق طبيا، وذلك من خلال أخصائي الوراثة والشريعة لوضع نظام يلزم الأسر ومأذوني الأنكحة باتباع إرشادات الطب الوراثي وتجنب خطورة الإقدام على اتمام مراسم الزواج في حال كشفت التحاليل خطورة ذلك. وحذر «رهبيني» من وجود أمراض وراثية أخرى في مناطق أخرى في المملكة لا يجرى لها فحص، ومنها أمراض الحموضة في الدم وبعض أمراض ارتفاع الأمونيا الوراثي وبعض الأمراض الأحماض الأمينية، وأمراض التمثيل الغذائي للمواد الدهنية، وأمراض تخزين الجلايكوجين، وأمراض ارتفاع حمض اللاكتيك، موضحاً أن كل ما ذكره من أمراض معروفة لكل من يعمل عن قرب في مجال طب الوراثة، كما أن كثيرا من المتلازمات الناتجة عن الطفرات الوراثية أصبح لها نمط جغرافي معروف في المملكة. مطالباً وزارة الصحة بإدراج هذه الفحوصات للأمراض للحد من الأمراض الوراثية والإعاقات المنتشرة. ونوّه رهبيني بأن الأمراض «الأحادية المتنحية» هي الأكثر شيوعاً في المملكة، مبيناً أن الأمراض الوراثية تنتج في الغالب من الزواج بين الأقارب، وتأخر النساء في الإنجاب إلى بعد سن الأربعين، مضيفاً ان أمراض الأنيميا المنجلية وأمراض التمثيل الغذائي تُعد الأكثر انتشاراً، محذراً من أن أمراض التمثيل الغذائي وحدها تتجاوز (600) مرض. داعياً في الوقت ذاته إلى التخطيط المبكر للحمل، موضحاً أنه يمكن تشخيص الأمراض الوراثية أثناء الحمل وتشخيص ما إذا كان الجنين مصاباً أو حاملاً للمرض أو سليماً في الأسبوع التاسع أو العاشر إلى السادس عشر، ويترك القرار للزوجين فى إتمام الحمل أو إجهاض الجنين.