من يسمع وزير خارجية لبنان شربل وهبة وهو يتعالى على البدوي السعودي على شاشة الحرة يظن أنه وزير خارجية موناكو، فلبنان بلد الإقطاعيات العائلية والطائفية هو نفسه بلد عشائري ما زالت كثير من عائلاته تعيش العصبية القبلية بكل تفاصيلها، وحروب وثارات العوائل العشارية في البقاع وبعلبك الهرمل وغيرها من المناطق اللبنانية لا تخلو منها أخبار الصحف اللبنانية ! ومن اللافت أن وزير خارجية جاب دول العالم ما زال أسير النظرة المتعالية للسعوديين وبلادهم رغم ما أدركه بحكم عمله من تأثير سياسي واقتصادي وثقافي لها على مستوى العالم وهي إحدى أهم دول مجموعة العشرين، ويدرك أيضا أهمية ما قدمته المملكة من دعم لتحقيق السلم الأهلي في لبنان وتعمير خراب حربها الأهلية وتقديم الودائع المليارية لحفظ قيمة عملتها طيلة عقود من الزمن، كما أن زياراته للسعودية لا بد وأنها أطلعته على مدى التقدم الذي شهدته على كافة المستويات، لكنه ربما وجد لدى السعوديين اعتزازا بماضيهم وفخرا بهويتهم واحتفاظا بتاريخهم، فظنهم ما زالوا أسرى الخيمة البدوية التي لم تتحرر منها عقليته ! ولا شك عندي أن الوزير اللبناني ندم على زلة لسانه، فأسقط قناعه، لكن ليطمئن فالوجوه مكشوفة ولا أقنعة تخفي حقيقة ملامحها ومشاعرها، فلدى البدوي فراسة في الوجوه تخترق الأقنعة، وبراعة في التعامل مع المتلونين، وشجاعة في التصدي للمعتدين، فالبدو لا يجيدون المراوغة ولا يمارسون النفاق، وما تراه على وجوههم وتسمعه على ألسنتهم هو حقيقة مشاعرهم وبيان مواقفهم ! واللافت أن كثيرا من اللبنانيين الشرفاء كفونا عناء تأنيب وتأديب وزيرهم، وهم الذين ضاقوا ذرعا برداءة وفساد وعجز الطبقة السياسية التي قادت لبنان إلى قعر الهاوية وبعثرت أبناءه في زوايا الغربة ! باختصار.. نحن بدو نفخر بصنع المعجزات على رمال الصحراء، فبماذا تفخر أنت يا شربل وهبة ؟!