ولد وبزغ نجم الصحفي العريق «علي مكي» مسؤول الإعلام في جامعة كاوست في قرية «البيّض» في منطقة جازان في الخامس عشر من فبراير عام 1973 ميلادي لأبوين كريمين في بلد العلم والعلماء، والشعر والشعراء، والأدب والأدباء، والرياضة والرياضيين. فهو الابن الخامس من بين أحد عشر ابناً وابنة. جازان التي غادرها جسداً ولم يغادرها روحاً، إذ بدأ الكتابة الصحفية منذ سن الخامسة عشرة ومازال يعمل في بلاط صاحبة الجلالة منذ أكثر من ثلاثين عاماً. مكي صاحب تجربة إعلامية ثرية وطويلة لا تكاد تخلو من الإثارة والدهشة، حاور الكثير من الشخصيات البارزة كتب في الشأن الرياضي والاجتماعي والفني، كاتب يتصف بالجرأة وسرعة البديهة، شغوف بالمعرفة، رجل صنع نموذجاً خاصاً به في عالم الصحافة فنجح وأبدع وتميز عن أقرانه في حواراته وجرأته وذكائه. كتب لعدد من الصحف السعودية وتنقل بينها بدءاً من عكاظ، ثم صحافياً مؤسساً في الوطن وبعد سنة استقال مرغماً ليعود مجدداً بعد شهور قليلة كاتباً يومياً ثم انتقل بعدها مراسلاً من معشوقته جازان لصحيفة الحياة وكتب بعد ذلك لصحيفة المدينة وشمس والوطن مجدداً ثم للشرق ثم عاد إلى بيته الأول. بدأ الصحافة الحقيقية والفعلية في صحيفة عكاظ. كتب أول مقال عبر صحيفة الرياضية بعنوان «إنهم يشجعون المنتخب بقلوب ملونة» لكن المقال الذي أثار جدل الكثيرين ولاحقته ويلاته هو مقال «مشروع للنسيان» حينما كان طالباً في الثانوية في مدرسة تحفيظ القرآن في محافظة صبيا، حيث بلغت الويلات عليه ذروتها عندما منع من استلام الشهادة الثانوية إلا بعد أن أتم تحقيقاً في مكتب مدير التعليم آنذاك بحضور والده، وهي قصة تطول لعل علي يرويها لنا ذات يوم في حوار مطول. علي مكي المشاكس في صغره كما هو مشاكس وجريء في عالم الصحافة لا يختلف عليه اثنان حينما يذكر كبار الصحفيين والكتاب والمحاورين المميزين في المملكة الغالية لا بد أن يكون لعلي مكي رقماً واسماً مميزاً بينهم. مكي كان مولعاً بمحمود درويش منذ الصغر فكان يحفظ نصوصه الشعرية لدرجة أنه كان يلقيها في الإذاعة المدرسية أسبوعياً، وبعد كل سنوات العشق والشغف التقى محمود درويش في مهرجان الشعر بالقاهرة حينما كان طالباً في جامعة الملك عبدالعزيز إضافة لعمله في عكاظ حيث سافر على حسابه الخاص، وقال له منطلقاً بلسان المحب «تركت جامعتي ودراستي وسافرت إلى هنا من أجل لقائك والفوز بشرف الحوار معك» فكانت الإجابة غير المتوقعة من الراحل الشاعر الفلسطيني الكبير «بل أنا من أتشرف أن يحاورني شاب مثلك»! كان الكثيرون يقولون عن درويش إنه مغرور وإنه لن يحضر للقائك فلا تنتظره لكن الدهشة حضوره في الموعد والوقت المحدد، وحاوره ونشر في صفحة كاملة في عكاظ. أما على الصعيد الإنساني من يعرف علي لا يملك إلا أن يحبه لوفائه وتضحياته الكبيرة لأهله وأصدقائه، فهو الذي قال فيه الدكتور حمود أبو طالب في مقال بعكاظ: «إذا شاء قدرك أن تعرف هذا الشخص، فأنت لست مخيراً بين أن تتركه كله، أو تكتفي بجله، لأنه لا يتيح لك هذا الخيار، فهو إنسان غير قابل للتجزئة، خُذه كما هو، أو دعه كما هو، لكنك إن عرفته لن يطاوعك قلبك أن تتركه أو تضعه في خانة احتياط القلب». نعم لأن أبا مشعل لا تملك إلا أن يكون متصدراً متربعاً على عرش القلب، فيما قال عنه الدكتور عبدالله الغذامي: «عرفتك يا علي منذ الثانوية وأعجبني ذكاؤك وشغفك المعرفي، ثم جئت للجامعة والصحافة وأبدعت وأذهلت، ولكن غزاك قلق وتوثب نحو المجهول خفت عليك من قلقك، ولكني راهنت على ذكائك ثم أثبت أخيراً أن قلقك قلق التطلع والتوق للأحسن، وبجهدك صنعت نموذجك الخاص فنجحت هي نعمة من الله عليك...». من يعرف علي مكي عن قرب يعرف تماماً مدى تضحياته ووفائه ومحبته لأصدقائه، رجل لا يعرف للغرور والحقد طريقاً، رجل لا يعرف معنى كلمة لا، علي ما إن تأتيه في طلب حاجة تخرج وأنت قد قضيتها، له مواقف كثيرة معي في الصحافة حينما ترفض بعض الصحف النشر لي بحجة الجرأة وحدة النقد، تجد علي أول من يفاوض ويدافع لأجلك ومن أجل الحقيقة، تجده يضحي ويؤثر على نفسه في كثير من الأشياء من أجل أصدقائه، إنه أحد أكثر الصحفيين والإعلاميين الذين دافعوا عني وساعدوني في النشر والكتابة في الصحف السعودية، ما إن تتصل به في مشكلة سواء على الصعيد الشخصي أو الصحفي لا تجد منه إلا كلمة سم وأبشر وخادمك.. علي الذي يهزمك بنبله لا بنباله، علي الذي لولا التشهد كانت لاؤه نعم. علي من القلة الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، هو من القلة الذين يستخدم معارفه لخدمة الناس فتجده يدافع دفاعاً مستميتاً ويضحي من أجل رفع الظلم عن أحدهم. في ذات يوم انقطعت الكهرباء على إحدى قرى جازان لم يهدأ له بال حتى صعد الأمر واتصل بالرئيس التنفيذي لشركة الكهرباء لحل مشكلة القرية والانتصار لأهلها، فما كان من الرئيس السديري إلا أن تجاوب سريعاً بالتوجيه لحل المشكلة. قصص طويلة ومسيرة حافلة وحوارات مثيرة وكتابات تستحق أن تجمع في كتاب، وأبو مشعل يستحق أن يكون ضيفاً في حوار مطول؛ لنرى ونسمع شيئاً من سيرته الإنسانية ومشاكساته الصحفية والإعلامية وقصصه المثيرة. وما هذا إلا نقطة من بحر عميق. سلمت أيها الحبيب تاجاً لمحبيك، ومناصراً لطالبيك، وفخراً لعارفيك.