لم تكن واقعة محاولة تهريب أقراص الكبتاجون داخل ثمار الرمان من لبنان إلى المملكة فريدةً من نوعها ولا الأولى من بنات جنسها، بل هي امتداد طويل لعملٍ مدبَّر وإجرامٍ عابرٍ ومنظم وترسيخ لجهودٍ حثيثة طالما سعت لإغراق واستهداف شبابنا وفلذات أكبادنا بالسموم والآفات وليشوهوا بها حاضر أبنائنا وليطمسوا بها لو استطاعوا على معالم مستقبلهم ومستقبل الأجيال من بعدهم. وحيث إن القرار الجريء والخطوة الاستباقية الحازمة في منع الدخول أو العبور لواردات الفاكهة والخضروات اللبنانية إلى المملكة يعتبرها الكثيرون خطوة مهمة وضرورية في الحرب على الجريمة المنظمة والعابرة، إلا أنها تعتبر خطوة أولى لتأديب المسردبين القابعين في مجارير ضواحي بيروت، وستليها خطوات أخرى مماثلة وربما أشد بهم وأنكى، لتجفيف موارد تمويلهم ولضربهم في صميم تجارتهم التي طالما عبثت بالأبدان والأرواح والعقول. وبما أنه قد لا يخفى على الجميع حجم المحاولات الفاشلة والمتكررة لإدخال وتهريب المخدرات في الأشهر القليلة الماضية، وكل ذلك بفضل من الله تعالى ثم بجهود ويقظة الأبطال في الجمارك السعودية ورجال مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية، إلا أن الأمر المؤكد الذي قد لا يعلمه إلا القليل بأن لبنان المختطف والمستلب الإرادة والسيادة لم يعد يعتبر أو يصنف على أنه مجرد وكر ومعمل لإنتاج وتصنيع السموم وزراعة المخدرات فحسب، بل إنه بفضل وببركات المسردبين بين الزبائل والمجارير أصبح لبنان أكبر منصة على مستوى العالم لدعم وتعبئة وعبور جميع أنواع السموم والمخدرات إلى مختلف البلدان والأقطار في جميع القارات. وخلاصة القول.. بأن هذا الإجراء من المملكة العربية السعودية لم يكن ضد دولة بعينها أو أنه تعمد لإنهاك اقتصاد بلد ما بقدر ما هو إجراء احترازي وعمل وقائي لجأت إليه المملكة لحفظ أمنها ولتأمين مستقبل أبنائها بعد استنفاد كافة السبل وبوار جميع الحيل لوقف طوفان السموم المنهمر من لبنان، وأن المملكة قد تلجأ أيضاً إلى حظر أي بضائع أو منتجات أو سلع من لبنان قد تستغل في التهريب. وهي رسالة أيضاً بأن حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، أيدهما الله، لن تتوانى في اتخاذ أي إجراء ضد أي طرفٍ أو أي بلدٍ قد تتكرر منه مثل هذه الأفعال المشينة، وأن موس الحزم، إن اقتضى الأمر، حتماً سيطال جميع الرؤوس.