يكاد ما يحدث في عالم اللقاحات أن يحجب الحقيقة المؤلمة المتمثلة في أن العالم يواجه خطراً متفاقماً من الأزمة الصحية المتردية. فبعد أسابيع من الاتهامات التي طالت لقاح أسترازينيكا، الذي ابتكره علماء جامعة أكسفورد، في إنجلترا، بالتسبب في جلطات نادرة الحدوث؛ ها هو لقاح جانسن، الذي صنعته شركة جونسون آند جونسون الدوائية الأمريكية العملاقة، يتعرض للمصير نفسه، بعدما أعلنت الولاياتالمتحدة، وجنوب أفريقيا، ودول أخرى تعليق استخدامه إلى حين التحقق من تسببه في جلطات دماغية، أدت إلى وفاة على الأقل في الولاياتالمتحدة. وأدى ذلك إلى اهتمام متعاظم في المجتمع العلمي العالمي بفك ألغاز رد فعل غير شائع يحدث حين يطلق الجسم قوة مناعته ضد الصفائح الدموية، التي تنخفض وتؤدي إلى فقدان الوعي، فالموت. ومن الواضح أن الحالات التي حدثت تتعلق بحدوث خثرات في الدم (جلطات) وانخفاض مستوى الصفائح الدموية. وهي نادرة الحدوث، في وقت تعلق الحكومات أملاً كبيراً على اللقاحات لدحر الوباء العالمي، قبل حلول الشتاء القادم. وسيعني تعليق استخدام أسترازينيكا وجانسن تأخير حملات التطعيم على مستوى العالم. ويستخدم هذان اللقاحان فايروساً نافقاً لمساعدة نظام المناعة على معرفة الفايروس الحقيقي، وتدميره في حال تسلله إلى الخلايا. وستعني الشكوى منهما أن الأيام القادمة ستشهد تسليط مزيد من الضوء لفحص لقاحي سبوتنك الروسي، وكانسينو الصيني، المصنوعين بالطريقة نفسها. وكان مسؤولو الصحة الأمريكيون قالوا (الثلاثاء) إن ست نساء تراوح أعمارهن بين 18 و48 عاماً أصبن بجلطات دماغية بعد إعطائهن إبرة جانسن. وتوفيت إحداهن، فيما ترقد أخرى في حال خطرة بالمستشفى. ويرجح الخبراء أن كلا اللقاحين الإنجليزي والأمريكي يشجعان استيلاد أجسام مضادة للصفائح الدموية. وإثر إعلان القرار الأمريكي؛ قررت جنوب أفريقيا أن تحذو حذو الولاياتالمتحدة بتعليق استخدام لقاح جانسن. وقال وزير الصحة الدكتور زويلي مخيزي إنه تم تطعيم 289 ألف كادر صحي بلقاح جانسن حتى الآن، دون الإبلاغ عن حدوث جلطات دموية. وأعلنت شركة جونسون آند جونسون ليل الثلاثاء أنها قررت تأخير توزيع لقاحها في أوروبا، ريثما تعلن السلطات الأمريكية نتائج تحقيقاتها في شأن الجلطات المشار اليها. وسيكون هذا التأخير ضربة قوية لمساعي الاتحاد الأوروبي الرامية إلى تسريع حملات التطعيم في دوله ال 27. وقالت الولاياتالمتحدة إنها طعّمت أكثر من 6.8 مليون نسمة بلقاح جانسن الذي يقوم على نظام الجرعة الواحدة، دون الإبلاغ عن تأثيرات جانبية تذكر. وأعلنت المراكز الأمريكية للحد من الأمراض ومكافحتها أمس الأول أن قرارها القاضي بتعليق استخدام لقاح جانسن ليس ملزماً للهيئات الصحية في الولاياتالأمريكية، وأضافت أن على أي شخص تم تطعيمه بلقاح جانسن أن يتصل بأقرب مستشفى إذا شعر بعد التطعيم بصداع شديد، أو ألم في البطن، أو الساق، أو ضيق في التنفس خلال ثلاثة أسابيع من خضوعه للتطعيم. وحذرت السلطات الصحية الأمريكية الأطباء من استخدام عقار هيبارين، الذي يستخدم عادة للمصابين بالجلطة لتسييل الدم، واصفة إياه بأنه قد يكون خطراً على المريض في هذه الحالة، ولا بد من استخدام علاجات أخرى للجلطة. خلط اللقاحات.. واقع جديد إزاء ما يحدث لأسترازينيكا وجانسن؛ بدأت الدعوة تتعاظم إلى إعطاء من أخذوا الجرعة الأولى من هذين اللقاحين الجرعة الثانية من لقاح آخر. وهي دعوة أذكت جدلاً علمياً في أرجاء المعمورة أمس. فقد أعلن علماء جامعة أكسفورد أنهم بدأوا تجارب لإعطاء المتطعمين بالجرعة الأولى من أسترازينيكا جرعتهم الثانية من لقاح موديرنا، أو نوفافاكس الأمريكيين، لتحقيق الحصانة المنشودة ضد فايروس كوفيد 19. وتنص توجيهات وكالة الأدوية البريطانية على أن تكون الجرعة الثانية من اللقاح نفسه الذي حصل الشخص على الجرعة الأولى منه. وتم تجنيد ألف متطوع لهذه التجارب، بحسب صحيفة «ديلي ميل» أمس. وأعلنت فرنساوألمانيا أن جميع من حصلوا على الجرعة الأولى من أسترازينيكا سيعطون جرعة ثانية من لقاح آخر. لكن بريطانيا أعلنت أن الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً، وحصلوا على جرعتهم الأولى من أسترازينيكا سيعطون جرعتهم الثانية من لقاح بديل. وقالت ألمانيا إن أي شخص يقل عمره عن 60 عاماً وحصل على جرعته الأولى من أسترازينيكا سيمنح الجرعة الثانية من لقاح آخر. في أتون الموجة الوبائية المتفاقمة؛ ومشكلات إمدادات اللقاحات التي يواجهها الاتحاد الأوروبي؛ قررت شركة فايزر زيادة سعر لقاحها للطلبيات القادمة. وأكد خبراء أوروبيون أمس أن أسعار جميع اللقاحات المضادة لكوفيد 19 سترتفع خلال الفترة القادمة. وقال رئيس وزراء بلغاريا بويكو برويسوف لصحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية أمس إن فايزر قررت زيادة سعر لقاحها للاتحاد الأوروبي من 12 يورو للجرعة الواحدة إلى 19.50 يورو. وأضاف أن بروكسل وقعت اتفاقاً مع الشركة الأمريكية لتزويدها ب 900 مليون جرعة بهذا السعر الجديد، على أن يتم التسليم خلال 2022-2023. وكان الرئيس التنفيذي لشركة موديرنا الأمريكية قد حذر في وقت سابق من أن سعر لقاح شركته سيرتفع بمرور الزمن. أوروبا تواجه ارتفاع أسعار اللقاحات