«هذا ليس مجرّد حدث ثقافيّ، إنّما مساهمة حثيثة لإحياء ملامح المدينة وإعادة الاعتبار إلى شخصيّتها، مساهمة لفكّ قيود المدينة المحاصرة وعزلتها، وإضاءة فضائها، وإعادة التواصل، ومدّ الجسور بين القريب والبعيد». هذا ما قالته مدير مهرجان القدس للسينما العربية نيفين شاهين، في دورته الأولى التي اختتمت قبل أيام، بمشاركة أكثر من 20 فيلما بين روائي ووثائقي وطويل، تلك الدورة التي أجلت عدة مرات بسبب كوفيد-19، الذي طال تغيير قرارات مهرجان سينمائية عدة حول العالم، إلا أن مهرجان القدس، التي تعانق الإغلاق والتصيد من قبل الاحتلال لكافة المنافذ الثقافية، استطاع الخروج للنور في دورة خاصة تتعلق بالمدينة العريقة التي تصبو إليها كل نفس تحمل في قلبها ذرة إنسانية وعدالة. وأعلنت الجوائز على خشبة المسرح الوطني الفلسطيني «الحكومي» الذي استضاف أغلب فعاليات المهرجان وعروض الأفلام، إذ حصل الفيلم الفلسطيني «200 متر» على جائزة أفضل فيلم روائي طويل من إخراج أمين نايفة، وقد تم تناوله سابقاً، فيما حصد الروائي التونسي الطويل «بيك نعيش» إخراج مهدي برصاوي جائزة لجنة التحكيم، التي منحت تنويها خاصا للفيلم المغربي «نساء جناح ج» للمخرج محمد نظيف. وعن فئة الفيلم الوثائقي حصد اللبناني «تحت التحت» جائزة أفضل وثائقي للمخرجة سارة قصقص، والفلسطيني «إبراهيم إلى أجل مسمى» جائزة لجنة التحكيم للفيلم الوثائقي لمخرجته لينا العبد، وبفئة الفيلم القصير حصد المصري «ستاشر» الجائزة لمخرجه سامح علاء، والفلسطيني «في المختبر» جائزة لجنة التحكيم للفيلم القصير أيضا للمخرجة لاريسا صنصور، بينما حصد اللبناني «أمي» تنويها للجنة التحكيم للفيلم القصير لمخرجه وسيم جعجع. وشهد حفل الختام عرض الفيلم المصري «حظر تجول» للمخرج أمير رمسيس، بطولة إلهام شاهين وأمينة خليل وأحمد مجدي، وكان نوعا من الاحتفاء بالممثل المقدسي كامل الباشا الذي شارك في بطولة الفيلم أيضا. في المقابل، أطلق المهرجان ندوة حملت عنوان «السينما في القدس» تناولت ما شهدته المدينة من نشاط سينمائي منذ ظهور السينما حتى اليوم، بداية من تصوير الأخوين لوميير للمدينة عام 1897، مرورا بظهور دور العرض السينمائي في القدس، والتي توقفت عن العمل مع بداية الانتفاضة الأولى. وقبل التطرق بالحديث عن فيلم الختام «حظر تجول»، وبعض الأفلام الفائزة، نعرض جزءاً من الكلمة الافتتاحية التي أدلت بها مديرة المهرجان نيفين شاهين، التي اعتبرته فرصة للتلاقي في نشاط ثقافي يسهم في تفعيل دينامية الحياة في المدينة التي طالما كانت سباقة في تميزها في المشهد الثقافي فلسطينياً وعربياً. وقالت شاهين: «حين أطلقنا الفكرة تلقفها كل من له يد في العمل السينمائي في عالمنا العربي، بِحُب، هذا الحُب المرتبط لمدينة لطالما حلُم الجميع باستنشاق هوائِها واستكشاف كنوزها وخفاياها المسروقة، دافعنا هو إيجاد مساحة للتبادل السينمائي بيننا وبين أشقائنا العرب وكل من اهتم بنقل قصص بلادنا العربية كما وإيجاد فسحة تقدم المتعة لمحبي السينما في القدس». وشكرت شاهين لجنة التحكيم التي أغنت الدورة، وكل المخرجين والموزعين الذين أرسلوا أفلامهم لتعرض لأول مرة في المدينة المقدسية، جميعها تستحق حجز وقت للمشاهدة. كما أثنت على المؤسسات الثقافية المقدسية التي وفرت أماكن عرض مميزة لكل الملهمين في هذا العالم وفريق العمل والداعمين. واختتمت شاهين: «كان علينا أن نبحث عن الحب، لننجح في تحقيق حلم الكثيرين، ولننجح في إطلاق مهرجان القدس للسينما العربية من عاصمة قلوبنا».