لا مندوحة من القول إن الأشهر الماضية لم تكن برداً وسلاماً على لقاح أسترازينيكا-أكسفورد. فقد واجه عند ترخيصه مشكلة تتعلق بنسبة فعاليته، خصوصاً بعدما اتضح أنه أكثر فعالية إذا تم منحه بنظام جرعة ونصف الجرعة. وما لبث أن تعرض للهجوم من الاتحاد الأوروبي، بدعوى أن الشركة الإنجليزية التي صنعته قررت تخصيص جزء كبير من إنتاجها لبريطانيا، على حساب الاتحاد الأوروبي. وانتهى ذلك الجدل باتضاح الحقيقة المتمثلة في أن بريطانيا سبقت الاتحاد الأوروبي إلى التعاقد مع الشركة بثلاثة أشهر. وأخيراً الضجة التي أثارها إعلان عدد من الدول الأوروبية وغير الأوروبية تعليق التلقيح بهذا المصل الإنجليزي، بدعوى تسببه في إصابة بعض من يخضعون له بتجلط في الدم. إذن.. هل يجب على البريطانيين وغيرهم من شعوب العالم الشعور بأي قدر من القلق حيال استخدام هذا اللقاح؟ لو أن الإجابة تعتمد على الأرقام؛ فإن الأرقام تؤكد أن لا داعي للقلق بتاتاً. تقول منظمة ثورومبوزيس الخيرية البريطانية، التي تعنى بحالات الخثار الوريدي، إن شخصاً من كل ألف شخص في بريطانيا يتعرض سنوياً لجلطة دموية في الوريد. ويعني ذلك، بالنظر إلى عدد سكان بريطانيا، أن نحو 66 ألف بريطاني يتوقع أن يصابوا بالجلطة كل عام، بواقع 1269 شخصاً كل أسبوع. وطبقاً لإحصاءات شركة أسترازينيكا، فقد تم رصد 15 حالة تجلط في الوريد، و22 حالة انسداد رئوي من بين 17 مليوناً تم تطعيمهم بلقاحها في بريطانيا والاتحاد الأوروبي خلال الفترة المنتهية في 8 مارس الجاري. ويعني ذلك أن مخاطر الإصابة بالجلطة الوريدية أو الانسداد الرئوي تعادل 37 حالة في كل 17 مليوناً، أو شخصاً من بين كل 460 ألفاً. ويعني ذلك - بحسب صحيفة «ديلي تلغراف» أمس- أنه إذا كان عدد السكان 17 مليوناً، فمن المتوقع أن تظهر 326 إصابة بالتجلط. وهو رقم ضئيل جداً. وحتى لو تأكد وجود صلة بين تلك الحالات والتطعيم باللقاح المذكور- وهو أمر مستبعد حتى الآن- فإن الخطر يظل ضئيلاً جداً إذا ما قورن بخطر الموت جراء الإصابة بفايروس كورونا الجديد، الذي يراوح بين نصف نقطة مئوية و1%. وقال الرئيس السابق للجنة طب الصحة العمومية في الجمعية الطبية البريطانية الدكتور بيتر إنغليش إن القيام بتطعيم ملايين الأشخاص يعني أنه لا محالة من وقوع بعض المضاعفات الثانوية، التي يمكن أن تحدث لو لم يكن هناك تطعيم. ويرى الأطباء أن حالات الخثار الوريدي والانسداد الرئوي شائعة بين جميع الأشخاص الذين تخطوا العام ال 50 من أعمارهم، فضلاً عن المصابين منهم بأمراض مزمنة، أو بالبدانة. ويعني ذلك أن هذه الحالات معتادة وسط تلك الشريحة السكانية التي وضعت على رأس أولويات التطعيم بسبب حالاتها المرضية المزمنة. وبالنسبة إلى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 40 عاماً، يصل عدد حالات التجلط الدموي سنوياً إلى حالة من بين كل 10 آلاف شخص. لكنه يرتفع إلى شخص من كل 100 شخص تجاوزت أعمارهم 80 عاماً. وقال الرئيس التنفيذي لمنظمة ثورومبوزيس جو جيرومي: يجب أن نتذكر أن خطر الجلطات الوريدية والانسداد الرئوي يزيد مع تقدم العمر، وأننا نقوم حالياً بتطعيم كبار السن. وقال أستاذ أمراض التجلط الدموي بجامعة شيفيلد البروفسور مايكل ماكريس إن إثارة ضجة حول مأمونية لقاح أسترزينيكا أمر متعمد، لأن التقارير أشارت إلى حدوث 13 حالة انسداد رئوي من بين 10 ملايين نسمة تطعموا بلقاح أسترازينيكا، في حين أغفلت تلك التقارير الإشارة إلى أن 15 حالة مماثلة حدثت وسط 10 ملايين نسمة تطعموا بلقاح فايزر-بيونتك! وأضاف أن الناس الذين يهاجمون مأمونية أسترازينيكا يغفلون حقيقة مهمة أخرى، تتمثل في أن الإصابة بالجلطة الدموية شائعة بين المصابين بفايروس كورونا الجديد، ولذلك فإن الأرقام التي استخدمت لافتعال هذه الزوبعة من المحتمل أن تكون قد شملت أشخاصاً أصيبوا بالفايروس قبل أو عند وقت التطعيم. وأشار إلى دراسات في الصين أكدت أن نحو 30% من المصابين بفايروس كوفيد 19 في الصين أصيبوا بجلطات في الدم. الصين تفسح لقاحاً رابعاً للاستخدام أعلنت أكاديمية العلوم الصينية (الإثنين) فسح لقاح رابع مضاد لفايروس كوفيد 19، قام بتطويره رئيس المركز الصيني للحد من الأمراض الدكتور غاو فو. وكانت الصين فسحت ثلاثة لقاحات طورتها شركات دوائية صينية، يتم توزيعها في أرجاء العالم، خصوصاً في الدول الفقيرة والنامية. وقامت بتطوير اللقاح الجديد شركة أنهوي جيفي بيوفارماتيكال، بالتعاون مع أكاديمية العلوم الصينية التابعة للحكومة الصينية. وقالت السلطات الصينية إن الفريق المطور لهذا اللقاح أكمل تجارب المرحلتين الأولى والثانية في أكتوبر 2020، ويقوم حالياً بإجراء المرحلة الثالثة من التجارب السريرية على اللقاح نفسه في كل من أوزبكستان، وباكستان، وإندونيسيا. وكالعادة الصينية مع كل اللقاحات المضادة لكوفيد 19، لم تنشر الصين أي بيانات عن تجارب اللقاح الرابع. وعلى رغم فسح الصين 4 لقاحات، إلا أن حملتها لتطعيم سكانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة، تتسم بالبطء؛ إذ لم يتجاوز عدد من تم تطعيمهم 64.98 مليون نسمة بحسب المسؤولين في بكين أمس الأول. ولم تطعِّم الصين المسنين حتى الآن، لأن قراراتها تسمح فقط بتطعيم من تراوح أعمارهم بين 18 و59 عاماً، بسبب عدم وجود بيانات بشأن فعالية اللقاح بالنسبة للمسنين. ويقتصر التطعيم هناك على الكوادر الصحية، وخفر النقاط الحدودية، وعمال الجمارك، والعاملين بصناعات حددتها الدولة الصينية.