قبل أمس، وفي معرض الحديث عن حقوق الإنسان في المملكة عطفاً على إثارة هذا الملف خارجياً من وقت لآخر، قلت في مقالي: «المملكة كأي دولة أخرى لا تدعي أن حقوق الإنسان لديها بلغت المثالية والكمال، لكنها أيضاً تعمل بشكل متسارع لتعزيز هذه الحقوق وتطويرها، وتقدم تقاريرها المدعومة بالحقائق المنجزة للمواطنين وللمنظمات الحقوقية الدولية التي تشارك فيها. وما تم إنجازه في هذا المجال خلال السنوات القريبة الماضية يعتبر نقلة كبيرة ومهمة جداً». ولم أقل ذلك إلا لأني أعرف كما يعرف غيري من المتابعين أن هناك عملاً مستمراً لتطوير كثير من الأنظمة والتشريعات المتعلقة بالحقوق بكافة جوانبها لتتماشى مع التحديثات التي تشمل حياة المجتمع وتلبي احتياجاته الحقوقية وتتسق مع الاتفاقيات والمعاهدات الحقوقية الدولية التي تشترك فيها المملكة. وكانت المفاجأة السارة في نفس اليوم تصريح ولي العهد عن مشروع أربعة أنظمة مهمة هي: «مشروع نظام الأحوال الشخصية، ومشروع نظام المعاملات المدنية، ومشروع النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية، ومشروع نظام الإثبات»، والتي أكد أنها «ستُمثِّلُ موجة جديدة من الإصلاحات، التي ستُسهم في إمكانية التنبؤ بالأحكام ورفع مستوى النزاهة وكفاءة أداء الأجهزة العدلية». وأضاف ولي العهد في تأكيد جازم قوله: «المملكة تسير وفق خطوات جادّة في السنوات الأخيرة نحو تطوير البيئة التشريعية، من خلال استحداث وإصلاح الأنظمة التي تحفظ الحقوق وتُرسِّخ مبادئ العدالة والشفافية وحماية حقوق الإنسان وتحقّق التنمية الشاملة». نحن إذن إزاء دولة تعيش نهضة تشريعية حقوقية مثلما تعيش نهضة تحديثية مادية، لأنها تعي ضرورة التحديث الشامل المتناغم الذي تتطلبه حاجات المجتمع ويستطيع تحقيق رؤيتها الطموحة ويجعلها دولة مؤسسات تحتكم إلى تشريعات وقوانين لا مجال فيها للعشوائية والاجتهادات الفردية، وبهذا تكون إجابات المملكة على الغمز واللمز في ملف حقوق الإنسان إجابات عملية لتلبية حاجات مواطنيها، وليست استجابات لإملاءات أو ضغوطات أياً كانت. كاتب سعودي [email protected]