تلك هي مملكة التسامح والأمل والتفاؤل.. وتلك هي مملكة الاحترام والتقدير والتعامل مع الأزمات بحنكة.. وتلك هي السعودية تدشن عهدا جديدا من لمّ الشمل ورأب الصدع.. وتلك هي السعودية التي تطوي صفحات الماضي لحلحلة الخلافات وتحييدها.. وتلك هي السعودية التي حولت تعقيدات «أزمتي 2013 و2017» إلى وحدة خليجية أكبر من أي اختلافات.. وتلك هي السعودية التي ترسم اللحظات التاريخية الفاصلة.. وتلك هي السعودية التي تخلق الأجواء الإيجابية لعلاقات أخوية تربط البلدان والشعوب. فإن كانت تلك هي السعودية بنهجها الراسخ ومسؤوليتها التاريخية تجاه الدول العربية والإسلامية، فإنها مع منظومة الخليج أكثر نهجاً لتحقيق المصالح العليا، بالتضامن ولم الشمل، حفاظاً على وحدة الخليج وتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك، بإزالة ما يعكر صفاء الإجماع، ولتقول للعالم «أمن الخليج خط أحمر». ذلك كله ما حدث في «قمة العلا»، حتى إن عقدت في ظرف دقيق وحساس تواجه فيه المنطقة تحديات كبيرة، سواء كانت اقتصادية أو أمنية، أو حتى طبية مع فايروس «كورونا». حين بدأت أكتب مقالتي لهذا الأسبوع، لا أعرف لماذا قلمي كتب تلك الأسطر؟.. ذلك القلم الذي يفتخر بدولته وقادتها وحنكتها وسياستها ودورها في رأب الصدع، كما أكد ذلك ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في كلمته الافتتاحية بقمة العلا، على التضامن والاستقرار الخليجي والعربي والإسلامي، وتعزيز أواصر الود والتآخي بين دولنا وشعوبنا بما يخدم آمالها وتطلعاتها، مضيفاً «إن سياسة أشقائكم في المملكة العربية السعودية الثابتة والمستمرة، وخططها المستقبلية ورؤيتها التنموية الطموحة (رؤية 2030) تضع في مقدمة أولوياتها مجلس تعاون خليجي موحد وقوي، إضافة إلى تعزيز التعاون العربي والإسلامي بما يخدم أمن واستقرار وازدهار دولنا والمنطقة».. فإذا كان ذلك فكر قادتنا الكبار أو بما يمكن أن أسميه «تصالح الكبار»، فإننا نؤمن أن علينا واجباً في تحقيق تلك الرؤى النيِّرة الحكيمة. إذن، تلك هي مصالحة ووفاق ومحبة وتقدير وازدهار.. وذلك هو التفاؤل الشعبي على بشائر الخير بردم الهوة بين الأشقاء، وردم الصدع بلم شمل وحدة دول مجلس التعاون الخليجي، إذ فتحت السعودية بداية عهد جديد وصفحة مشرقة.. ذلك «التفاؤل» الذي لا بد أن تتقدمه آلية لحل الخلافات وتفكيك النزاعات، خصوصاً أنها حقيقية تمس أمننا ووجودنا وسيادتنا. وعلى قادة مجلس التعاون الخليجي المحافظة على أواصر التحالف، ووضع أسوار مانعة أمام اختراقه أو تفتيته أو انهياره، والابتعاد عن اللعب على بعض التناقضات الثانوية بين بلدانه، في ظل اللُحمة الخليجية الواحدة. المصالحة الخليجية مكسب لمطالب التحديث في العلاقات القادمة، لحماية الأمة من فيضان التمرد الإخونجي التركي.. فرحة المصالحة تستحق أن تدوم.