في خضم الكثير من الصراعات الدموية والقضايا الجدلية بين مختلف الأديان والمذاهب في عصور سابقة وفي المرحلة الراهنة، انعكست بشكل سلبي على واقع الحياة والعلاقات البشرية التي باتت تواجه عددا من المفاهيم المسمومة والخطيرة التي تهدد التماسك البشري وتهدده، سواء تلك التي تتعلق بالتطرف والعنف بمختلف أنواعه واتجاهاته، أو بما يتعلق بانتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا، ما استدعى الأمر إلى ضرورة التحرك السريع لمواجهة هذه التحديات التي لاترمي وبالها على المسلمين فحسب، بل على الإنسانية قاطبة وتهدد أمنها واستقرارها، وفي هذه المرحلة الحرجة كانت مبادرة أمين عام رابطة العالم الإسلامي د. الشيخ محمد بن عبدالكريم العيسى في فتح جسور الحوار بين مختلف الأديان والدعوة إلى التقريب بين المذاهب ضمن جهوده الرائدة لتحقيق السلام. الشيخ العيسى يتصدى لخطاب الكراهية في المنطقة بمنطق الإسلام المعتدل ومنهج السلام عانت منطقتنا العربية والإسلامية حالة من الاضطرابات والتحديات المقلقة على رأسها الصراع الأيديولوجي بين مختلف الطوائف والمذاهب، ما أشعل فتيل الحروب والفتن والضغائن التي مازلت أثارها مطبوعة في عقول أجيال وأجيال لأنه لم يتم وضع حد لها ومواجهتها، في هذا الوقت عقد الشيخ محمد العيسى العزم على ضرورة التحرك وفقا لرؤية الإسلام المعتدل وقيمه المبنية على التسامح والمحبة بين بني آدم، وانطلق العيسى من داخل البيت الإسلامي بشرح حقيقة الإسلام المراد تشويهه من أطراف مختلفة غايتها السيطرة على المنطقة من خلال زعزعة أمنها واستقرارها، فعمل على توضيح الأفكار المغلوطة التي ربطها المتطرفون بالإسلام وإعادة بلورة مفاهيمه المبنية على أسس وقيم ثابتة روحها ونبضها التسامح والمحبة للانطلاق في كل التعاملات بين البشر مهما كانت عقائدهم وألوانهم وانتماءاتهم. جهود مضنية يبذلها العيسى في إطار مساعيه لتحقيق السلام عبر تفعيل أرضية الحوار بين الأديان زيارة تاريخية هكذا وصفها المراقبون والمتابعون لنشاطات رابطة العالم الإسلامي، إثر الزيارة التي قام بها أمين عام رابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد العيسى لمعتقل أوشفيتز، على رأس وفد علمائي كنا معهم، اعتبرت الزيارة خطوة بناءة وإيجابية والأولى من نوعها في تاريخ الرابطة، لما لها من تأثير في مستقبل العلاقات الإسلامية-اليهودية ولما ستحققه من دور مهم وفعال في عملية إرساء السلام العالمي. لقد شاركنا ضمن نشاطات الرابطة في هذه الزيارة ولاحظنا عن كثب أن الشيخ العيسى كان ينطلق من إيمانه الراسخ بضرورة نجاح الحوار بين الأديان، وكان لايمل ولا يكل متنقلا من بلاد لأخرى وتنظيم اجتماعات ولقاءات لتفعيل الحوار بين مختلف الأديان خصوصا اليهودية ومد جسور التلاقي الديني والإنساني الذي ينزع الضغائن والأحقاد ويزرع المحبة بين القلوب. إن ما تقوم به رابطة العالم الإسلامي بقيادة الشيخ الدكتور محمد العيسى بناء على توجيهات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تأتي ضمن رؤية المملكة 2030 الطامحة لرسم مرحلة جديدة تلامس طموحات شعوبنا التي تأمل في العيش في أمن وأمان. وفي ظل نفس سياق الزيارة لمعتقل أوشفيتز وتأكيدا على الرسالة الواحدة برفض كل الأعمال الإجرامية في حق كل إنسان مهما كان انتماؤه الديني والقومي، كانت زيارة الرابطة لموقع الإبادة الجماعية في «سربرنتسا» بالبوسنة والهرسك للتأكيد على موقف الإسلام الرافض لكل أنواع الظلم والاضطهاد والقتل بسبب الانتماء الديني ولايقبل الازدواجية في المفاهيم، فمواقفه وقيمه واحدة لا تتجزأ. مساعيه الحثيثة لتحقيق السلام تستحق ترشيحه لجائزة نوبل للسلام بات جليا للجميع وللعالم بأكمله مقدار الجهود التي يبذلها الدكتور محمد العيسى لتحقيق مساعيه في بناء أرضية قوية للحوار بين الأديان وتجديد الخطاب الديني، وهذا ما لمسناه بشكل واضح في برنامجه الذي عرض في شهر رمضان، كيف أنه يقود مشروعا فكريا إصلاحيا بتجديد الخطاب الديني، و إنارة الطريق للشباب المغرر بهم وإرشادهم وبث الوعي فيهم بتبيين الحقائق لهم وإبطال المفاهيم العليلة، التي لا علاقة لها بنهج الإسلام الصحيح الوسطي المعتدل المتسامح، وهنا فعليا بدأت تتساقط أوراق التوت، وتتهاوى أفكار المتطرفين ومشاريعهم أمام الحجة الدامغة لصورة الإسلام المعتدل. العيسى شخصية العصر.. وجهوده لبناء جسور الحوار بين الأديان تؤهله لترشيحه لجائزة نوبل للسلام إن الدكتور الشيخ محمد العيسى أمين عام رابطة العالم الإسلامي ورئيس هيئة علماء المسلمين شخصية استثنائية شجاعة وجريئة تصدى في هذه المرحلة الحبلى بالتحديات، للمتطرفين وتبنى مشروع الحوار بين الأديان، لإرساء السلام العالمي، لذلك ندعو أصحاب الشأن ومحبي السلام والحوار في العالم إلى ترشيح الدكتور محمد العيسى لنيل جائزة نوبل للسلام لأنه يستحقها عن جدارة عالية فهو صانع السلام والحوار في زمن صناعة الأزمات. * الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان.