ليس هناك رأيان في أن عملية اغتيال محسن زاده أمس الأول، شرقي طهران، كشفت عن ضعف وهشاشة المؤسسة الأمنية والاستخباراتية الإيرانية وسهولة اختراقها، خصوصا أن زاده لا يعتبر شخصية ايرانية رفيعة عريقا فحسب، بل قيادي في الحرس الثوري الإيراني. وربما كانت سلسلة التسريبات الأخيرة القوية بشأن هجوم أمريكي عسكري واسع النطاق ضد النظام الإيراني بمثابة تحرك مغاير ومختلف تماما لصرف الانتباه عن الهجوم على فخري زاده، الذي يعتبر ثاني ضربة قاسية ضد النظام الإيراني بعد اغتيال قاسم سليماني مطلع العام الحالي.. وبحسب المعلومات الأمريكية المسربة فإن اغتيال زاده قبل تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن في 20 يناير المقبل، يضع الإدارة الديمقراطية أمام خيارات جديدة لم تكن في حسبانها. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» أن شخصيات بارزة في الأمن القومي تشعر بالقلق من تقييدهم بشكل أكبر في عهد بايدن، رغم أنه لا أحد يعرف على وجه اليقين ما يمكن أن يفعله الرئيس المنتخب تجاه إيران بعد اغتيال زاده، خصوصا أن نظام طهران رفض أن تظهر بمظهر الدولة الضعيفة في مواجهة حملة «الضغط الأقصى» التي شنها الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته ترمب، وأعلنت رفع مستوى تخصيب اليورانيوم، وبالتالي تقليص فترة إنتاج قنبلة نووية من سنة إلى ما بين 3 و4 أشهر. وبحسب المعلومات المثيرة التي نقلتها صحيفة «ميل أونلاين» البريطانية أمس نقلا عن إعلامي أحوازي، فإن عملية اغتيال زاده شارك فيها 62 شخصا في خطة محكمة سرية تم الإعداد لها مسبقا، مشيرة إلى أن 12 من المجموعة المكلفة باغتيال زاده كانوا من رجال الأمن المؤهلين لعمليات الاغتيال في الخارج ومن القناصة. وأضافت الصحيفة أن الفريق المكلف بالاغتيال تم توزيعه على مدى 50 كم إلى موقع ابسارد (شرقي طهران) حيث اغتيل زاده.. كما شارك 50 شخصا في الدعم اللوجستي. ولم يذكر الإعلامي الأحوازي إن كان فريق الدعم من الداخل أو من الخارج، بحسب ما ذكرت الصحيفة، التي أضافت أنه تم قطع الكهرباء بالكامل. وتكشف معلومات «ميل أونلاين» هشاشة المؤسسة الأمنية الإيرانية وسهولة اختراقها. ويرى الخبراء الأمنيون أن اغتيال فخري زاده، بعد مقتل سليماني، واغتيال الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أبومحمد المصري، والهجوم على مفاعل (نطنز) النووي، بمثابة رسالة مفادها أن إيران ليست في موقع للرد على هذه العمليات، واضعين في الاعتبار رد الفعل الذي تم على استحياء ضد مقتل سليماني، وقد يكون من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى هجوم جوي واسع النطاق على العديد من المنشآت النووية الإيرانية، وتحديدا ضرب منشأة (فوردو) النووية المقامة تحت الأرض، وموقع (نطنز) لتخصيب اليورانيوم الذي يقع الجزء الأكبر منه تحت الأرض، وهو الموقع المثير للقلق بشكل خاص، لأن أجهزة الطرد المركزي المتطورة به يمكن أن تقلص كثيرا من وقت إنتاج قنبلة نووية دون سابق إنذار. ونشرت صحيفة «جيورازليم بوست» الإسرائيلية تحليلا قالت فيه إن عملية مقتل زاده، ربما تم تنفيذها لتجنب الحرب مع إيران. المحصلة هي أن إيران النمر الورقي يحتضر.