في عامها السادس وفي ذكراها السادسة، نقف جميعاً أمام الذكرى الغالية والعزيزة على قلوبنا، ملؤنا الحماس وتكسو نفوسنا العزة والشموخ، ونحن نرى المنجزات العظيمة التي تتحقق في الوطن المعطاء على يدي قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، في شتى مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية. وتأتي الذكرى بالتزامن مع رئاسة المملكة قمة العشرين، فما أبلغه من فخر وبلادنا تترأس هذه المجموعة الكبيرة التي تدير عصب الحياة وتمسك بشريان الاقتصاد العالمي، كونها القوى الاقتصادية الكبرى على مستوى العالم أجمع. إن الناظر للواقع يجد أن حكمة وحنكة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين لا تقفان عند حدٍ معين، ولا تنتهيان عند طرفٍ معين، بل حكمة ممتدة وحنكة متوارثة على مدى عقود طويلة من الزمن، وأن لغة الحزم والحسم التي امتاز بها عهد حكم خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين جعلت القريب والبعيد يدرك أن المملكة وإن كانت محبة للسلام داعية إليه إلا أنها في الوقت نفسه لا تقف صامتة إزاء ما يجري من اعتداء ضد أي بلد عربي شقيق هنا أو هناك، ولن تقف متفرجة على النظام الإيراني وهو يسعى إلى بسط نفوذه وسلب العواصم العربية عروبتها بترويج منهجه الفكري، ولأن المشيئة الإلهية اختارت بلادنا لتكون بلاد الحرمين الشريفين ورائدة الدفاع عن حقوق ومصالح الأمة العربية والإسلامية، ولها في تحقيق ذلك ما تراه مناسباً لحماية مصالحها الداخلية ومصالح أمتها العربية والإسلامية. بالمقابل فإننا نراها على الصعيد الداخلي تقوم وبكل قوة بمكافحة الفساد، وتسعى بكل طاقتها لتصحيح الأوضاع المختلة، ولا شك أن القيام بكل هذه المهمات على المستويين الداخلي والخارجي يتطلب جهداً عظيماً، وإصراراً يفل الحديد ويضاهي الجبال الرواسي، لأن خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين يؤمنان بقول المتنبي «إذا غامرت في شرفٍ مروم فلا تقنع بما دون النجوم». فالبيعة ليست حدثاً عابراً يمر أمامنا كأي مناسبة يحتفل بها وتنسى، وليست أمراً صورياً يجدد سنوياً لولاة الأمر، بل هي كلمة وفاء تستلزم منا احترامها والوفاء لها، ولو اقتضى الحال بأغلى غالٍ نمتلكه في حياتنا، لأنها ميثاق شرف، وكلمة تتضمن عقداً مهماً من أهم العقود التي يبرمها الإنسان في حياته، ولو لم تكن مهمة في حياتنا لما عبر عنها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله «من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية». إن تجديدنا البيعة لمليكنا وولي عهده الأمين لا تعني كلمة نرددها، أو مصطلحاً تعودنا أن نقوله في كل عام، بل هو تجديد للوفاء والحب والولاء والسمع والطاعة في المنشط والمكره، وبمقابلها فإننا نحصل من ولاة أمرنا على الأمن والأمان والحماية والرعاية التي يحتاجها أي مجتمع للنهوض والتقدم والنماء والازدهار، فكل مناسبة تمر للبيعة فهو تجديد لذلك الميثاق الذي لا يمكن التنازل عنه، أو الخروج من إطاره طالما بقينا على قيد الحياة. وقبل أن أختم هذا المقال لا أنسى أن أذكر القارئ الكريم ببعض الأمور التي تأتي متزامنة مع هذه البيعة، وينبغي من باب الإنصاف ذكرها، كونها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بهذا الموضوع، فالملك سلمان حفظه الله قد تسلم مقاليد الحكم ومنذ تلك اللحظة بدأ حفظه الله ببناء دولة حديثة متطلعة إلى كل جديد، فكان بحق ملك الحزم والحسم، وقاد سفينة المملكة بالحكمة والقدرة والثقة، رغم أن الأحداث والأخطار زادت في الآونة الأخيرة من قبل بعض الناعقين من هنا وهناك، وظهور جماعات إرهابية في الداخل والخارج لا يهمها سوى النيل من المملكة، ومكانتها الرفيعة في العالم بأسره، وما ذاك إلا من باب الحقد والحسد على هذه البلاد المباركة وما تنعم به من أمن واستقرار واقتصاد قوي. أزف التهنئة لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين بهذه المناسبة العزيزة والغالية على قلوبنا، ونشهد الله تعالى على أننا نحب ولاة أمرنا ولهم منا السمع والطاعة، سائلاً الله تعالى أن يمد في أعمارهم، وأن يسدد على الخير خطاهم، وأن يجعلهم صمام أمان لبلادنا وبلاد المسلمين، وأن يعين ولي العهد الأمين صاحب الرؤية السديدة (2030) على تحقيق طموحات الشعب لما فيه الخير والفلاح.