أيا كان الدافع، إهمالا أو تعمدا في اشتعال الغابات، فإن السلوك مُجرّم ومدان ومستهجن، فالتصرف مدمر للغطاء النباتي، وهو سلوك متجاوز يستحق صاحبه المحاسبة والعقاب، فمثلا من يوقد نارا ويتركها أو ينسى جمرة فتصبح لهيبا ونارا مستعرة تقضي على الغطاء الأخضر، أو من يعمد قصدا إلى إضرام النار، كل هؤلاء مدانون؛ إذ سجلت السعودية خلال الأشهر الماضية 3 حرائق في غاباتها من الطائف وصولا إلى السودة، استلزم إخمادها أياما، وبُذلت لاحتوائها جهود كبيرة. الحادثة الأولى حمّل فيها مدير عام الدفاع المدني الفريق سليمان العمرو، متنزهين خلفوا جمرا مشتعلا، مسؤولية اندلاع حريق جبل عُمد التابع لمركز ثقيف بمحافظة ميسان جنوبي الطائف، مشيرا إلى أن سرعة الرياح ساهمت في اشتعال النيران في الحشائش وأشجار الغابات والمزارع على مساحات كبيرة، واستمرت الحرائق عدة أيام في نهاية محرم الماضي. وأعلنت وزارة الداخلية إيقاف 3 من مخالفي نظام أمن الحدود من الجنسية الإثيوبية، تسببوا في إضرام حريق غابات جبل غلامة بتنومة، الذي امتد على مساحة تجاوزت 4 ملايين و700 ألف متر مربع تقريبا، ونتج عنه احتراق أعداد كبيرة من النباتات البرية. وأعلن المتحدث الأمني لوزارة الداخلية، أنه تم تحديد هوية المتهمين بإضرام النار، التي نتج عنها حريق في جبل غُلامة الواقع في محافظة تنومة التابعة لمنطقة عسير، قبل أسبوع، مشيرا إلى قيام عدد من مخالفي نظام أمن الحدود بإضرام النار نتيجة خلافات بينهم، وتم القبض عليهم وجرى اتخاذ الإجراءات النظامية بحقهم. أما الحريق الثالث فقد سيطرت عليه فرق الدفاع المدني بعسير عقب نشوبه في أعشاب وحشائش بمنطقة جبلية بقرية القوز بمركز السودة بمنطقة وعرة جدا يصعب معها مباشرة الآليات، وزاد من صعوبة الوضع انتشار النار بشكل سريع نظرا لشدة الرياح، غير أن الفرق الميدانية نجحت في فتح طرق للوصول للأماكن الوعرة لمكافحة النيران فيها، ما أسهم في السيطرة على الحريق بوقت قياسي في ظل ظروف الحادث وتوقيته، ولم تسجل أي إصابات. حذارِ من الولاعات وأعقاب السجائر شخّص الخبير الأمني اللواء عبدالله جداوي، أسباب حرائق الغابات إلى سببين؛ الأول طبيعي بسبب الصواعق، أو الشرر الذي ينتج عن الأحجار المُتدحرجة التي قد تحتك ببعضها فتولد شرارات تسبب الاشتعال التّلقائي للحشائش اليابسة أو المخلفات الورقية. أما الثّاني فسببه تدخل الإنسان سواء بالتعمد بإشعال النيران في الغابات والمراعي وإهمال إطفائها وتركها عرضة لهبوب الرياح، أو بعدم التعمد عبر إلقاء السجائر أو أعقابها دون إطفائها، أو ترك مصادر النيران من ولاعات أو عبوات مضغوطة دون رقابة. ومن أبرز مسببات الحريق الحطب والفحم، الذي يترك بإهمال ظنا أن أطفاءه يكفي غير أن هبوب أي ريح قد تعيد إشعاله، وبالتالي نشوب الحرائق بين الأشجار وتسريع الرياح الاشتعال ونقلها من موقع إلى آخر. وشدد جداوي على منع استخدام مواقد النيران، وعدم الطبخ جوار الأشجار، والتثبت من إخماد النيران، ونظافة المكان من أي أعقاب قد تكون سببا في نشوب حريق. الغطاء النباتي يحظى بالحماية الجنائية أكدت النيابة العامة،أن الغطاء النباتي يحظى بالحماية الجنائية المُقررة لذلك نظاما، ويُحظر كل ما من شأنه الإضرار بأراضي الغطاء النباتي أو الإخلال بالتوازن الطبيعي، بما في ذلك إضرام النار بها أو قطع الأشجار أو الشُجيرات أو اقتلاعها أو نقلها، وكل من يقوم بذلك يقع تحت طائلة المُساءلة الجزائية المغلظة. 100 ألف ريال غرامة إيواء المتسللين أهاب المتحدث الأمني باسم وزارة الداخلية المقدم طلال الشلهوب بالمواطنين والمقيمين، الإبلاغ عن أي تواجد للمخالفين أو المتسولين بأي موقع، وعدم تقديم أي وسائل مساعدة لهم أو إيوائهم، مؤكدا معاقبة كل من يقوم بنقل أو تشغيل أو تهريب المتسللين أو التستر عليهم أو إيوائهم أو تقديم أي وسيلة من وسائل المساعدة لهم، وهؤلاء يعرضون أنفسهم لعقوبة السجن لمدة سنتين والغرامة المالية 100000 ريال، والترحيل إن كان المخالف وافدا والتشهير به ومصادرة وسيلة النقل بحكم قضائي وتتعدد الغرامات بتعدد المخالفين. وأكد الشلهوب على من يشاهد أي تجمع لمخالفي نظام الإقامة والعمل والحدود بالمبادرة والتبليغ بشكل فوري، مشددا على أن رجال الأمن موجودون وسيتصدون لأي محاولة هروب، ويقومون بكل ما يلزم لحماية الوطن وأمنه. أطفئها قبل مغادرة الغابة حذرت القوات الخاصة للأمن البيئي من إشعال النار في المراعي والغابات والمتنزهات البرية دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة، مؤكدة أن ذلك يعد مخالفة بيئية تستوجب العقوبة. وقالت إن عقوبة إشعال النار في المراعي والغابات والمتنزهات البرية دون اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لمنع نشوب حريق أو ضرر بالغطاء النباتي تراوح ما بين 500 و50 ألف ريال مع إصلاح الأضرار الناتجة عن المخالفة. ونبهت إلى الاحتياطات اللازمة عند إشعال النار باستخدام موقد لضمان عدم انتشار النار أو إضرارها بالغطاء النباتي، وعدم إشعال النار بالقرب من جذوع الأشجار، وألا يتم إشعال النار أثناء هبوب الرياح، وإطفاء النار بشكل كامل قبل مغادرة المكان. القانون يحمي حتى لحاء الأشجار أكد المستشار القانوني المحامي عبيد العيافي، أن نظام حماية البيئة حدد عقوبات للعابثين بالغطاء النباتي، فأشارت (المادة 19) إلى أنه يُحظر كل ما من شأنه الإضرار بأراضي الغطاء النباتي، أو الإخلال بالتوازن الطبيعي فيها، وعلى وجه خاص من قطع الأشجار أو الشجيرات أو الأعشاب أو النباتات، أو اقتلاعها أو نقلها أو تجريدها من لحائها أو أوراقها أو أي جزء منها، أو نقل تربتها أو جرفها، أو الاتجار بها. كما شملت (المادة 19) جوانب أخرى، منها ترك النفايات داخلها، أو دفنها، أو حرقها، أو رميها في غير الأماكن المخصصة لها التي تحددها الجهة المختصة، وإشعال النار في غير الأماكن المخصصة لذلك التي تحددها الجهة المختصة، إضافة إلى إتلاف منشآتها الثابتة أو المنقولة، أو قطع السياجات التي تضعها الجهة المختصة داخلها أو إتلافها، أو العبث في علاماتها الحدودية أو الإرشادية. وأضاف العيافي، أن (المادة 40) نصت على عقوبات كبيرة على المخالفين تصل إلى السجن لمدة تصل إلى 10 أعوام وغرامة مالية تصل إلى 30 مليون ريال، في حال ارتكبت المخالفة للمرة الثانية خلال سنة من ارتكاب الأولى.