تعرضت صناعة النشر في العالم لأضرار جسيمة بسبب جائحة كورونا، وتجاوزت خسائر بعضها ملايين الدولارات، وذهب مشاركون في ندوة افتراضية نظمتها مؤسسة (ناشرون بلا حدود) أن تخنق جائحة كورونا أنفاس خير جليس على المديين القريب والبعيد. ولخّص ناشرون تحديات النشر الحالية في تأجيل إقامة معارض الكتب الدولية في الدول العربية والأجنبية، وتوقف دور نشر عن استقبال كتب المؤلفين الراغبين في نشرها، وزهْد المؤلفين والمترجمين في الإقبال على النشر، وتوقف الكثير من المطابع عن العمل، وتحول بعض الفنيين من مخرجين ومصممين ومحررين للعمل في قطاعات أخرى في حال توفر عمل، إضافة إلى النزاعات والصراعات المشتعلة بين دول العالم العربي والشرق الأوسط تحديدا، ما يهدد مستقبل النشر ويؤذن بكساد سوق الكتاب. وتؤكد مديرة تحرير دار الساقي للنشر في بيروت رانيا المعلم أن أزمة دور النشر قائمة قبل الوباء، إلا أنها تفاقمت على إثره بتوقف المبيعات، وتجميد الطباعة والنشر، وإلغاء جميع معارض الكتب، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم، وأوضحت في ندوة (ناشرون بلا حدود) أن التوجه حاليا يجنح لمبيعات الكتب الإلكترونية والكتب المسموعة، برغم أن المبيعات صغيرة جدا ولن تتيح الاستمرار في ظل ما هو قائم من أوضاع. ويرى الناشر محمد ربيع الغامدي أن النشر من أكثر الأنشطة تأثرا بجائحة كورونا، إلا أن التأثر يتفاوت من حالة لحالة. كون الناشر الذي يمتلك مطبعة، أو عقدا مع مطبعة محلية يكون تأثره أقل، خلاف الناشر الذي يتنقل بين المطابع فهو أكثر منه تأثرا، ويذهب إلى أن أكثر الناشرين تأثرا بالفعل هو من تضطره ظروفه للطباعة في الخارج، إذ يرزح تحت رحمة الشحن من جهة والمطابع من جهة أخرى. ويؤكد أن فترة الإغلاق التي تزامنت مع الجائحة منذ بدايتها هي فترة توقف حقيقي للنشر والطبع، بحكم توقف حركة الشارع تبعا لذلك، وإغلاق منافذ التوزيع ومنصات البيع أبوابها، وتحول اهتمامات الناس إلى تأمين الطعام والدواء والضروريات التي لم يكن الكتاب من بينها، وأضاف لكي نكون أكثر قربا من كبد الحقيقة فإن النشر الورقي كان يعاني من الكساد في الأصل قبل أن تحل الجائحة وعندما حلت كانت أقرب إلى رصاصة الرحمة إلا قليلا. فيما استعاد الكاتب عبدالكريم الرازحي أيام ما قبل العوالم الافتراضية، إذ بمجرد أن يقرأ في صحيفة أو يسمع عن كتاب حديث الصدور تنتابه حالة شغف وترقب وتطلع لاقتنائه، فيما يرى أن الوضع اختلف في ظل التحولات، كون سماء التقنية تمطر كتبا برغم أنه لم يعد أحد يقرأ كما قال.