من القرارات الكثيرة والمهمة التي ساعدت كثيراً في تحقيق النجاح الكبير المتميز للمملكة في التصدي لجائحة كورونا كان قرار تعليق الرحلات الجوية الداخلية والخارجية، وكان قراراً صائباً وحازماً آنذاك، مثلما فعلت بقية دول العالم، ولكن الآن عادت كثير من الدول لتشغيل رحلاتها الخارجية وفق اشتراطات واحترازات يتم التأكد من تطبيقها والالتزام بها، لأن العالم لا يمكن أن يتعطل والبشر لا يمكن أن يظلوا محبوسين إلى ما لا نهاية. ما حدث لدينا هو السماح بالسفر للخارج استثنائياً لفئات محددة وقليلة وبحسب شروط أشبه بالعائمة، ومنذ إعلان القرار لم يتمكن أغلب الناس المضطرين للسفر من ذلك. أنا لا أتحدث عن السفر للسياحة والاستجمام، بل عن ضرورات قصوى، إذ يصعب مثلاً رفض سفر طالب وجد بصعوبة قبولاً في جامعة خارج المملكة على حسابه الخاص ودفع جزءاً من تكاليف الدراسة، أو مريض يتابع طبيبه منذ وقت طويل ويحتاج لمراجعته، أو رجل أعمال تعطلت مصالحه، أو شخص يريد رؤية أولاده المقيمين في الخارج للدراسة أو لأسباب عائلية خاصة به وبهم، أو غير ذلك من الضرورات. وحين أتحدث عن ذلك فإنني أؤكد أنني لا أتراخى عن مسؤوليتي كطبيب وكاتب ما زلت أدعو وأشدد على الالتزام بكل ما من شأنه حماية مجتمعنا من الجائحة واستمرار النجاح الذي تحقق، ولكن بالإمكان التيسير على المضطرين للسفر وفق شروط منطقية، فلا يعقل أن يتحرك العالم ونحن معطلون، من يريد السفر لضرورة بالإمكان تحميله مسؤولية قراره وعدم السماح له بالعودة إلى المملكة إلا بإثبات خلوه من المرض وفحص كورونا قد أصبح دقيقاً وسريعاً، كما أن متابعة الشخص في حالة إصابته والتزامه بالحجر المنزلي ليست عسيرة. ممكن جداً وضع اشتراطات تضمن السلامة وتتيح للمضطرين السفر، ولكن هناك عنتاً وتضييقاً وتعطيلاً باستمرار رفض السماح لهم مع وجود المبررات المنطقية، ودون توضيح لماذا يتم منعهم، بينما الآخرون يأتون إلى المملكة ويسافرون إلى أي مكان مسموح بالسفر إليه وفق الاشتراطات التي تضعها كل دولة. [email protected]