وكأن الرجال أعلى جبال السراة (جنوبي السعودية)، وجدوا في الداير والريث وفيفا، أعلى مكان لهم، يمكنهم من الاقتراب من السماء؛ ليغرفوا كل ما ساقت الريح المزون عذباً فراتاً، ويصنعوا إلى جوار رفاقهم في هروب، والعارضة وبلغازي، وجبل هادا ووادي غيل وريدة، وجبل شدا والمخواة ما بوسعهم حتى تنضج ثمار البُن الخولاني على أرضه، ويتركوا مهمة ضبط المزاج لحامص البن وطاحنه، حتى تستقر بين يدي «مقهوي النشامى» أو البارستا ليصنع منها ما شاء كيفه «قهوة عربية» أو حتى «كورتادو». ودون أن يختلف العامل الرئيسي لشاربي القهوة، من الرعيل الأول من عشاق القهوة العربية أو «قهوة القشر»، أو من وجدوا ضالتهم في «الأمريكية» والأسبريسو، لا يختلف اليوم العالمي للقهوة في الأول من أكتوبر عند السعوديين عن سائر الأيام، إذ تعد القهوة في السعودية رمزاً للكرم والحفاوة، ومشروباً تقليدياً لهم مصنفاً ضمن التراث غير المادي. بروتوكولات القهوة منح السعوديون القهوة العربية بروتوكولات عدة داخل مجالسهم، إذ تجرم قوانين المجالس ملء فنجان القهوة من المشروب البني للضيوف، ويدل الامتناع عن شرب الفنجان من الضيوف على ضرورة تلبية طلب معين، إضافة إلى تقسيمهم الفناجين إلى 3 أنواع: «فنجال الهيف والضيف والكيف» كلٌ حسب تشريعات التقاليد الاجتماعية. ويعرف فنجان الهيف بالفنجان الذي يتذوقه المضيف قبل ضيوفه للتأكد من نجاعة القهوة، فيما يعد فنجان الضيف فنجان الضيافة الدال على الكرم العربي، ويعد الكيف الفنجان الثاني المانح للضيف حق شرب المزيد من القهوة. دعم إنتاج البن الخولاني في المملكة وضمن القائمة الطويلة لطموحات السعوديين التي يعكف السعوديون على تحقيقها، تسخر جهات مختصة عدة في السعودية جهودها لدعم زراعة البن الخولاني في السعودية، بدءاً من برامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة، من خلال الدعم المالي المباشر لمزارعي البن، والبرامج المختصة، وإعداد دراسات الجدوى الخاصة به، التي تشمل «مصانع إنتاج البن وتسويق القهوة» واستنباط الأصناف المثالية ذات الإنتاجية والجودة العالية. وتهتم مبادرة تأهيل المدرجات الزراعية وتقنية حصاد مياه الأمطار بدراسة مدرجات الزراعة هيدرولويجا وهندسياً، وتسوية وصيانة المدرجات الزراعية وبناء الجدران الإسنادية، وزراعة شتلات البن. ونفذت وزارة الزراعة بالتعاون مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية 60 مزرعة نموذجية للبن، إضافة إلى توفيرها شتلات البن الخولاني، وأنظمة الري الحديث وإعداد الموشرات الجغرافية للأرض، واستقدام خبراء عدة مختصين في زراعة البن من رواندا والعمل على نقل الخبرات للكوادر السعودية، ليبدأ السعوديون في طريقهم نحو ال1.2 مليون شجرة بن خولاني في 2025، من مدرجات السراة وعلى مقربة من السماء. قهوة السعوديين ب 1.2 مليار ريال سنوياً منحت قهوة البن أحقية لقب أكثر السلع تداولاً حول العالم بعد النفط، لتمثل مصدراً أساسياً للدخل في العديد من الدول النامية، بعد أن زرع العالم 10 ملايين هكتار في أكثر من 50 دولة حول العالم، يعيش على دخله نحو 125 مليون نسمة في أفريقيا، وأمريكا اللاتينية وآسيا. وفي وقت يسيطر بن «الروبستا على 30% من الإنتاج التجاري، يمثل البن العربي 70% من إنتاج البن حول العالم، إذ يعد من الأنواع المميزة ذات الأسعار العالية، ليبدأ سعر الكيلوغرام منه من 6 دولارات. وشكل الاكتفاء الذاتي من الإنتاج السعودي من «البن الخولاني» ما نسبه 0.5% من استهلاك الفرد، فيما يقدر استهلاك السعوديين للبن نحو 1.8 كيلوغرام في العام الواحد، إذ تستورد السعودية من البن ما قيمته نحو 1.2 مليار ريال سنوياً من القهوة. 1.2مليون شجرة بن خولاني.. مستهدف السعودية في 2025 وإضافة إلى مرافقتها العاملين في الأرض الطيبة، بين يدي مهندس نفط، وداخل دلة مزارع نخيل حساوي، وعلى جال نار كريم حائلي، وبرفقة جاني ورد طائفي، وعلى مكتب، تمنح مزارع البن الخولاني في الأرض الطيبة السعوديين 800 طن من البن سنوياً من 600 مزرعة في السعودية، إذ تحتضن منطقة جازان نحو 120 ألف شجرة، مقابل 10 آلاف شجرة في عسير و5 آلاف أخرى في منطقة الباحة، الأمر الذي دفع السعوديين إلى وضعهم هدفاً لتطوير زراعة «البن الخولاني» في السعودية في عام 2025، ينمي مزروعات خولان السعودية من البن من 135 ألف شجرة إلى 1.2 مليون شجرة في عام 2025. ويستهدف السعوديون رفع عدد أشجار البن الخولاني في منطقة جازان إلى مليون شجرة، و120 ألف شجرة في منطقة عسير، و80 ألف شجرة في منطقة الباحة، من خلال تقديم إصدار وزارة الزراعة دليل الممارسات الزرعية الجيدة للبن، وإصدار المؤشرات الأولية للاستثمار الزراعي في زراعة وإنتاج البن، إضافة إلى التسويق الرقمي للبن الخولاني، ودراسة سلالاته، ودعم التحول العضوي في زراعة البن، وتنمية الموارد المائية، وتشجيع الاستثمار الزراعي، ومشروع الأشجار البديلة.