أبدى الإعلامي والناقد رئيس مركز أبوظبي للغة العربية الإماراتي علي بن تميم اعتذاره عما تسببت به تغريدته المثيرة للجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أثارت جدلاً واسعاًَ، أمؤكداً أنه يعتبر نفسه مثل جميع الإماراتيين، في وحدة حال ومصير مع المملكة. وأشار بن تميم في حواره مع عكاظ إلى أن المصير والمستقبل في الإمارات والسعودية واحد، والتحالف القائم بين البلدين والقيادتين، ليس بالتحالف العابر أو المؤقت، بل إنه تحالف ممهور بالدم؛ دم الجنود الإماراتيين والسعوديين الأبطال الذين تصدوا معاً للمؤامرات والأطماع السياسية والأيديولوجية التي تحاك ضد البلدين. ونوه بن تميم إلى أن المغرد السعودي، ومعه الإماراتي، يتمتع بالولاء المطلق لقيادته، والوعي السياسي الكبير والذكاء والحنكة والثقافة التي مكنته وتمكنه من الوقوف سداً منيعاً في وجه الخطاب الإعلامي الزائف والمغرض الذي تخوضه الجزيرة وأخواتها، مشيراً إلى أن الإنسان الخليجي والعربي عموماً، اليوم أوعى بكثير من أن تنطلي عليه الدعاوى الشعاراتية أو يتأثر بها. فإلى نص الحوار: • أثارت تغريدتك حفيظة السعوديين، ولم يقبل بعضهم اعتذارك.. ماذا تقول هنا؟! •• أعتبر نفسي، مثل جميع الإماراتيين، في وحدة حال ومصير مع الأشقاء في المملكة، وكلي ثقة أن هذا هو شعور جميع السعوديين تجاه الإمارات قيادة وشعباً، ومن يتابع أعمالي السابقة والمواد المنشورة لي؛ سواء المسموعة أو المكتوبة أو المرئية، عبر التواصل الاجتماعي أو غيرها من المنصات الإعلامية، فسيجد أنني لم أكن إلا مدافعاً ومحباً دون مزايدة، ومؤيداً دون تطفل، لكل ما يصب في مصلحة المملكة وقيادتها الرؤيوية الحكيمة الشجاعة، وأثبتت الأحداث والوقائع التاريخية والراهنة، أن مصيرنا ومستقبلنا في الإمارات والسعودية واحد، والتحالف القائم بين بلدينا وقيادتينا، ليس بالتحالف العابر أو المؤقت، بل إنه تحالف ممهور بالدم؛ دم الجنود الإماراتيين والسعوديين الأبطال الذين تصدوا معاً للمؤامرات والأطماع السياسية والأيديولوجية التي تحاك ضد بلدينا والمنطقة عموماً، وقبل ذلك وخلاله وبعده، فإننا، مغردون ومثقفون وإعلاميون وعاملون في مختلف القطاعات والمجالات، نقف في خندق واحد خلف قيادتنا التاريخية للتحديات التي تواجهها المنطقة العربية، وفي طليعتها الإسلام السياسي الذي لم يجلب سوى الخراب والدمار والويلات، ولا تزال أحزابه مثل الإخوان الإرهابية، ماضية في مؤامراتها ومشاريعها مدعومة من تنظيم الحمدين وتركيا الأردوغانية وإيران الملالي، وبالتالي لا يمكن أن يتصور عقل أن يصدر مني حرف يسيء إلى هذه العلاقات والأواصر التي هي أقوى وأعمق من كلّ الكلمات والتعليقات والتغريدات، وما حدث هو محض سوء تفاهم، إذ إنني كغيري من المتابعين رأيت هجمة شرسة على شخصية إعلامية تقود مشروعاً إعلامياً جديداً وواعداً، هو جزء من السعودية الجديدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، وأقصد بذلك مشروع بلومبيرغ الشرق، الذي هو جزء من الجهود الإعلامية الهادفة إلى تقديم رؤية مختلفة ومواجهة إعلام تنظيم الحمدين الفاسد والمفسد، فشعرت أنه من واجبي الدفاع عن هذا المشروع الذي لا تربطني به -بالمناسبة- أي علاقة، لكنه يعد مفخرة لكل وطني وشريف أن يتحقق وينطلق ليكون أداة رئيسية في التوعية وتقويض الخطابات الأيديولوجية التي تستهدف المملكة، بل هو دفاع في المقام الأول عن المؤسسة التي يمثلها، وكما تعلم فإن تنظيم الحمدين وتركيا وإيران، يستخدمون التواصل الاجتماعي بخبث وتركيز لاستهداف السعودية والإمارات، فكان من الطبيعي أن أفترض أن تلك الجهات تقف وراء الحملة ضد هذا المشروع الإعلامي الواعد، وذلك لإرباك انطلاقته بقوة مثلما هو متوقع، وهو الأمر الذي أسيء فهمه، وتم استغلاله واستغلال مشاعر المغردين السعوديين ضدي شخصياً، إلا أن سوء التفاهم هذا سرعان ما تم توضيحه، سواء من قبلي، أو من قبل عدد كبير من المغردين في الإمارات والسعودية الذين وضعوا مشكورين الأمور في نصابها الصحيح، وهذا ما أكسبني بالمناسبة مئات المتابعين الجدد من المملكة الذين أعتز بهم وبمحبتهم التي لم تكن يوماً موضع تشكيك. • كيف ترى لغة الحوار في مواقع التواصل؟ •• لست ممن يقفون موقفاً مؤيداً بالمطلق أو شاجباً بالمطلق لهذه المواقع، فهي بالنسبة إليّ، ومنذ البداية، كانت أداة وليست هدفاً في حد ذاتها، ومثل جميع المنصات الإعلامية ففيها الصالح والطالح والمفيد وغير المفيد، إلا أننا في الإمارات والسعودية، قد أحسنا إلى حد كبير الإفادة من هذه المواقع لخدمة رؤية وتوجهات قيادتي بلدينا والدفاع عنهما في وجه ما يحاك ضدهما، والحق يقال إن آلة إعلامية ممنهجة وشرسة مثل الجزيرة التي يوظفها تنظيم الحمدين لخدمة أجندات الإسلام السياسي والقوى الأجنبية مثل تركيا وإيران، قد وجدت في المغرد السعودي الواعي والمتيقظ ما يكبح جماحها ويحبط أهدافها الخبيثة، فالمغرد السعودي، ومعه الإماراتي، يتمتع بالولاء المطلق لقيادته، والوعي السياسي الكبير والذكاء والحنكة والثقافة التي مكنته وتمكنه من الوقوف سداً منيعاً في وجه الخطاب الإعلامي الزائف والمغرض الذي تخوضه الجزيرة وأخواتها. • بصفتك رئيساً لمركز أبوظبي للغة العربية، كيف ترى مستقبل العلاقات الثقافية السعودية الإماراتية؟ •• إن الثقافة كما تعلم، تقع في قلب معركتنا الحالية والقادمة من أجل المستقبل، وقد أعرب ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في غير مناسبة، عن رهانه الكبير على الثقافة في عملية النهوض الحضاري الذي تشهده منطقتنا، والمملكة العربية السعودية، بتاريخها الحضاري الفريد وبكنوزها المعرفية والثقافية وبمكانتها التاريخية وثقلها العالمي، وبنخبتها الفكرية والإبداعية، هي الشريك الأمثل لأي مشروع ثقافي، بل إنها لطالما تقدمت المشاريع والبادرات الثقافية في المنطقة العربية، واليوم أكثر من أي وقت مضى تتجلى الشراكة الثقافية الفكرية الكبيرة بين بلدينا الشقيقين، ومركز أبوظبي للغة العربية يطمح إلى أن يكون أحد تجليات هذه الشراكة المثمرة الخصبة، ولا ننسى أن الرؤية المستقبلية التي يحملها الشيخ محمد بن زايد والأمير محمد بن سلمان، هي رؤية رفيعة وحكيمة، بل هي الرؤية التي تشكل مستقبل منطقتنا، وبالتالي فمن الطبيعي أن تكون اللغة والثقافة والأفكار والإبداع جزءاً لا يتجزأ منها. • لماذا تعالت أصوات إثر معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل بمقاطعة الإمارات والانسحاب من الجوائز التي تدعمها؟ •• الإنسان الخليجي والعربي عموماً، هو اليوم أوعى بكثير من أن تنطلي عليه هذه الدعاوى الشعاراتية أو يتأثر بها. وإذا كانت هناك أصوات انفعالية لا عقلانية خرجت كعادتها منادية بمثل ذلك، فإنها تبقى أصواتاً قليلة معزولة لا تتمتع بالمصداقية، وفي مقابلها هناك مئات وآلاف الأصوات التي تدعم القرارات السيادية الإماراتية، والتي ستظل داعمة للحراك الثقافي الإماراتي، فزمن الاتجار بالقضايا العادلة، وفي طليعتها القضية الفلسطينية، قد ولى إلى غير رجعة، واستعادة الحقوق مثلما تؤكد دوماً القيادة الإماراتية، ممكنة مع السلام ولغة العقل والحوار والتنمية أكثر بكثير مما هو ممكن عبر الصراخ والجعجعة والتهديدات الفارغة، وسيكون للثقافة كلمتها في هذا المجال، إذ لن نسمح بأن يصادر الخطاب الزائف والغوغائي صوتنا، وأن يخطف مجدداً آخر أمل متبق لقيام دولة فلسطينية واستعادة الحقوق العربية. أما بيانات الشجب والانسحاب فلن تؤخر مقدار بوصة المسيرة الزاهرة التي تمضي بها القيادة الحكيمة ونحن خلفها دوماً. • أين موقع المثقف التنويري اليوم، وما دوره في كل ما يحدث؟ •• المعركة التي تخوضها المنطقة العربية هي معركة ثقافية في المقام الأول. هي، في عمقها، صراع بين الماضي والمستقبل. هناك من يريد جرنا باستمرار إلى لغة ماضوية لا تعترف بالتطور ولا بحركة التاريخ، في مقابل قيادة شابة واعية تدرك أننا لن نستطيع التقدم إلى المستقبل الذي نطمح إليه واستعادة موقعنا الريادي في العالم، ما لم نتخلص من الخطاب الثقافي القديم ونمنح الفرصة الكاملة للشباب لكي يتقدموا المسيرة ويقودوا التغيير الحقيقي، فالتشبث بأصولنا وبإرثنا الذي نعتز به أيما اعتزاز، لا يتناقض مع تبني لغة العصر وأدواته ومنطقه. وبالتالي فالمثقف التنويري هو الذي يدرك هذه التحديات ويمتلك الوعي والأدوات لمواجهتها، وأنا ضد التصنيفات القديمة البالية التي تجعل التنوير حكراً على المثقف الليبرالي مثلاً، بل إن كل فرد يدرك مسؤولياته الوطنية، بصرف النظر عن خلفيته الفكرية أو توجهاته العقائدية، وبصرف النظر عن نطاق عمله، هو بالنسبة إلي يحمل دوراً تنويرياً ما دام ثابتاً على حسه الوطني مخلصاً لقيادته ملتزماً برؤيتها ساعياً إلى التقدم والتطور في جميع المجالات، وكلي ثقة أن معظم الشباب العربي، يحمل اليوم هذه الرؤية، وهو ما يجعلني شديد التفاؤل بالمستقبل رغم كل التحديات التي نشهدها حالياً. • متى تشعر بالأمن على لغتنا العربية؟ •• لم أكن يوماً أشعر بالقلق على اللغة العربية، فأمام عظمة هذه اللغة وقوتها، لا نستطيع سوى الوقوف بتواضع وخشوع، فاللغة العربية في حد ذاتها ليست مهددة، بقدر ما أن الخاسر والمهدد دوماً، هي الأجيال التي لا تستفيد من عظمة هذه اللغة، ولا تشعر بإمكاناتها العظيمة ودورها الجوهري في أي نهوض حضاري. أشعر بالأمن على الشباب العربي حين يعي أهمية هذه اللغة ويستعيد ألقه وتألقه بها، لكن هذا الشباب يحتاج إلى ممكنات تسهل مهمته هذه، ومنها مركز أبوظبي للغة العربية، وقبله مئات المشاريع في السعودية والإمارات ومصر الهادفة إلى حفظ اللغة وتطورها، وكل الطموح أن تتضافر الجهود لتحقيق هذا الهدف السامي ولإعادة الشباب العربي إلى أحضان لغته الأم. • كنت وما زلت في طليعة المثقفين الخليجيين والعرب الذين وقفوا ضد الإخوان، كيف يمكن التخلص من تأثير هذه الجماعة على بعض الفئات؟ •• لست أزايد ولا أبالغ إن قلت إن هذا الأثر قد انتهى إلى غير رجعة، فقد ساهمت الأحداث منذ بداية ما يسمى الربيع العربي، في تعرية وفضح الإسلام السياسي، بشقيه الإخواني والإيراني، وذلك بعدما تبين بوضوح للشعوب العربية أن هذه التنظيمات والأحزاب لا تعمل لخدمتها بل تعمل ضدها، وتسعى إلى إبقائها رهينة أجندتها ومصالحها الضيقة، وبالتالي فقد فقدت هذه المشاريع عصبها الداخلي لأن شباب اليوم لم يعد يتقبل أي رؤية أو اتجاه أو تيار لا يحمل بعداً وانتماء وطنياً واضحاً ويضع مصلحة الدولة والشعب فوق أي مصلحة، لكننا يجب أن نبقى متيقظين حتى لا يعاود أصحاب هذا الاتجاه التسلل، أحياناً عبر باب الوطنية نفسه، بل ومن خلال المزايدة على الأصوات الوطنية الحقة، لكن شبابنا يملك الوعي الكافي لضمان عدم تكرار ذلك. • ماذا تقول للقارئ السعودي عبر «عكاظ»؟ •• أقول له ما أقوله دوماً وهو أن الإماراتي سعودي والسعودي إماراتي، وما بيننا من وحدة الدم والمصير، أقوى من كل شيء آخر، وإنني شخصياً أسامح من أساء الظن بي متأثراً ربما بالمحاولة الفاشلة لتشويه صورتي واغتيال شخصيتي، وسأبقى كعهدي دوماً مخلصاً للمملكة قيادة وشعباً، وأدعو الشباب الخليجي والعربي على مواقع التواصل الاجتماعي إلى عدم الانجرار خلف محاولات البعض، خصوصاً تنظيم الحمدين ودعاة الإسلام السياسي في تركيا وإيران، لإحداث شرخ أو تشويه تاريخ أو تدمير منجز، فمعركتنا معهم طويلة ومعقدة، لكننا سننتصر بها، لأن الحق ينتصر في النهاية لأهل المستقبل والحياة ولا يقف مع أصنام الماضي وأشباحه الزائلة.