قلة من الصحف تمكنت من مسايرة المرحلة وتحديث بنيتها وتطوير أدواتها وإعادة تأهيل كوادرها، لتبقى ذات أثر وتأثير في أوساط القراء والمتابعين، بل وتمكنت من توسيع دائرة جمهورها رغم اكتساح مشاهير السوشيال ميديا للساحة الإعلامية. وتأتي صحيفة عكاظ في مقدمة تلك الصحف التي تمكنت من إحداث التغيير المطلوب لتبقى قادرة على المنافسة، ولعل المتابع يلاحظ التواجد المتميز ل«عكاظ» في كافة منصات التواصل الاجتماعي النشطة وفي مقدمتها تويتر، إذ يتابعها أعداد كبيرة وتحظى تغريداتها باهتمام وإعادة تغريد من عدد كبير من المتابعين، وصارت أخبار «عكاظ» آنية عبر أدوات تتبع ورصد ديناميكية أبقت المتابع لها مطلعاً على الحدث ساعة وقوعه وبشكل مباشر، إن هذا الإنجاز المستحق يبقي على جمهور الصحيفة مستمراً في متابعته ومتسعاً في نطاقه، ليزداد عدد وفئات المتابعين لكافة المجالات التي تهتم «عكاظ» بمتابعتها وتغطيتها وتقديمها للمتلقي في نهج خاص حافظت خلاله الصحيفة على تميزها الذي يشهد به الجميع، عبر إصرارها على الدقة في تحري المعلومة، والمصداقية في تقديم الأخبار، محققة بذلك تجديد الثقة في محتواها من قبل المتلقي، فاستمرت نابضة بالحياة دائبة في العطاء متمكنة من الميزة التنافسية ليس على المستوى المحلي فحسب، بل وحتى في فضاءات أوسع، إنها تضرب مثالاً يحتذى للتعاطي مع الإعلام كمهنة، والتعاطي معه كمادة معرفية يحتاجها المجتمع باستمرار، وقد خرجت بنجاح من سطوة الإعلام التقليدي ومزجت مكتسبات الماضي مع مستجدات الحاضر وتقنيات المستقبل، ومن يتتبع مسيرة «عكاظ» وكيف أنها تدرك مميزات المحتوى الرقمي في عصر الإنترنت، وما يمثله ذلك من فرص يجب استثمارها خاصة مع انتشار الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية وإمكانية الاستفادة منها في إحداث تأثيرات أكبر، يكتسب خبرة لا تقدر بثمن في استثمار الموارد، وتوظيف القدرات والتغلب على التحديات وإعادة التموضع على عرش الإعلام الجديد كتجربة تستحق أن تدَرس في الأقسام العلمية المتخصصة في الإعلام، ومراكز التدريب الإعلامية. إن صياغة الخطاب ومتابعة الحدث وتقديم المادة وفق معطيات الحاضر ومعايير المستقبل هي التي تنقذ وسائل الإعلام المقروء وبقية أنواع الإعلام التقليدي لتكون وسائل الإعلام التي يتجه لها الجيل الجديد. تحية ل«عكاظ». * أكاديمي سعودي وباحث في البيانات الضخمة وإنترنت الأشياء