لكل شعب معتقداته، وأساطيره، وخرافاته. وفي المكسيك- الجارة الجنوبية للولايات المتحدة، التي يصل عدد سكانها إلى 129 مليوناً- يتزايد عدد الوفيات بفايروس كورونا الجديد كل يوم، حتى أنها فاقت 53 ألفاً بحسب أرقام الثلاثاء. ولا يحدث عدد كبير من تلك الوفيات في المستشفيات، بل في المنازل. لماذا؟ لأن كثيراً من المكسيكيين يعتقدون أن الأطباء «يقتلون» المصابين بكوفيد-19! ولذلك يفضل هؤلاء البقاء في منازلهم ليعانوا ويلات الوباء وحدهم. وحين تسوء حالاتهم الصحية، ويضطر ذووهم إلى نقلهم إلى المستشفيات، يكون السيف قد وقع على الرأس: ليس أمامهم سوى الموت. وظاهرة الخوف من المستشفيات ليست قصراً على الشعب المكسيكي وحده. ففي سيراليون، حين اندلع وباء فايروس حمى الإيبولا في عام 2014، فضّل كثير من المصابين مواجهة المصير المحتوم في بيوتهم، لأن المستشفيات أضحت بنظرهم مصيدة للمصابين بالوباء. وأشارت «نيويورك تايمز»، في تحقيق مسهب أمس الأول، إلى أن مكسيكيين كثراً باتوا يرون أن عنابر مرضى كوفيد-19 ليس فيها سوى الموت الذي ينتظرهم. ويشكو الأطباء من أن ذلك يؤدي إلى وصول مصابين إلى المستشفيات بعد استفحال الفايروس، وتدهور الحالة الصحية للمصاب. كما أن هذا الاعتقاد يكشف أن العدد الحقيقي للمصابين والوفيات أكبر بكثير مما تعلنه وزارة الصحة المكسيكية. ويحذرون من أن اختيار الاعتصام بالمنزل يهدد بزيادة إفشاء العدوى الفايروسية. ومنطق المصابين المحجمين عن الذهاب للمستشفيات هو أن نحو 40% ممن تم تنويمهم بكوفيد-19 في العاصمة مكسيكو سيتي توفوا. وقال أحد أطباء العاصمة المكسيكية إن بعض المصابين يُتوفّى بعد 12 ساعة فحسب من تنويمه، مقارنة بنحو 5 أيام في الولاياتالمتحدة. وتعرض مستشفى في بلدية مجاورة للعاصمة المكسيكية في مايو الماضي لهجوم من الأهالي الذين اتهموا الأطباء والممرضين بقتل ذويهم. وغالبية من يموتون بالفايروس في منازلهم لا تخضع جثامينهم لأي فحص، وبالتالي لا يتم عدادهم ضمن ضحايا الوباء. ويقدر مسؤولون صحيون مكسيكيون العدد الحقيقي للوفيات بكوفيد-19 بما لا يقل عن 71 ألفاً خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وقال 70% من المكسيكيين، في استطلاع للرأي نشرت نتيجته الشهر الماضي، إنهم يشعرون بعدم أمان المستشفيات خلال الجائحة. وقال ثلثهم إنهم يفضلون أن يعتنوا بذويهم المصابين بأنفسهم.