تورط مشاهير الخليج على الشبكات الاجتماعية في جرائم غسل أموال، كان الموضوع المفضل لعناوين الأخبار الخليجية وربما العربية في الفترة الأخيرة، وهذا التوظيف الإجرامي الجديد اتضحت خيوطه في شرق آسيا وانتقل إلى دول مجلس التعاون، وربما واصل مسيرته إلى غيرها، والقائمة تضم أسماء من المملكة والكويت وقد وصلت أعدادهم إلى 38 مشهوراً من الجنسين والرقم ليس نهائياً، وتقدر المبالغ المغسولة بمليار ونصف المليار دولار في الحالة الكويتية، وبسبعة مليارات وثلاثمائة مليون دولار في الحالة السعودية، والمليارات السابقة مرشحة للارتفاع، وفي الحالتين أعلن مشاهير السوشال ميديا لمصلحة شركة خليجية معروفة تعمل في تجارة مستحضرات التجميل والعطورعلى الإنترنت. الأموال المغسولة كل سنة على مستوى العالم، تتراوح ما بين ثلاثمائة إلى أربعمائة مليار دولار، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي، وتوجد شركات عالمية وظيفتها الأساسية تبييض الأموال باستخدام آليات معقدة وحسابات وهمية لإيداع وتحويل الأموال القذرة، وقد تشترط على الزبون اقتطاع نسبة تصل إلى 70% من إجمالي الأموال المطلوب غسلها. المال القذر يكون ورقياً وكبيراً في العادة، وهو يأتي في معظم الأحيان عن طريق تجارة المخدرات والسلاح والأعضاء وما يتشابه معها من الأعمال غير المشروعة، ولا يمكن إدخال هذه الأموال إلى المصارف والبنوك بدون عمليات تجارية مشروعة في شكلها الظاهري، لأن الصفقات أو المشتريات الضخمة تتم بواسطة شيكات مصدقة أو تحويل بنكي من مصدر معلوم، ومن أمثلة غسل الأموال، شراء السيارات الكلاسيكية أو القطع الفنية أو العقار بمبالغ خرافية تدفع بالكاش، أو التوسع في الأعمال الخيرية بصورة مبالغ فيها، أو الدفع نقداً لبناء البيوت وتأثيثها، أو سداد القروض والمتعثرات البنكية، أو الاستثمار في العملات الرقمية والافتراضية وخصوصاً البيتكوين. المشكلة في جرائم غسل الأموال تبدو في صعوبة إثباتها بالدليل إذا تجاوزت مرحلة الإيداع وموهت وتم دمجها بأموال نظيفة في أكثر من بنك أو مصرف، مثلما حدث مع مشاهير السوشال ميديا، والمختصون يرجحون أن الاقتصاد النظامي يعادل 10% فقط من الاقتصاد الموازي أو الاقتصاد القائم على الأموال غير المشروعة، وهناك دول يقوم اقتصادها بالكامل على غسل الأموال كمالطا وقبرص وجزر كايمن، وهذه الأماكن تعرف بالثقوب السوداء لغسل الأموال، لأنها تمتص ترليونات الدولارات القذرة وتحولها إلى ترليونات نظيفة. يبقى أن الأغرب في النسخة الخليجية لغسل الأموال، هو جمهور المؤثر أو المشهور الخليجي على المنصات الاجتماعية الذي يمجده حتى في إجرامه، ويبرر أعماله المشبوهة وسقوطه الأخلاقي، لمجرد ابتسامة صفراء أو دفاع بلا حجة أو منطق، والمسألة في غاية الخطورة لأن الأموال غير المشروعة تؤثرعلى اقتصاد الدولة وأمن المجتمع، ويحتمل أن تكون من مصادر تمويل عصابات الجريمة المنظمة والمافيات والجماعات الإرهابية.