رغم بقاء رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي «قانونيا» برفض لائحة سحب الثقة منه، إلا أن زعيم «الإخوان» سقط سياسيا أمام الرأي العام بتصويت 97 نائبا لصالح عزله، خلال جلسة وصفت بأنها «استثنائية وعاصفة». وأكدت رئيسة كتلة الدستوري الحر عبير موسى أن الرجل سقط سياسيا لأن لا أحد جدد فيه الثقة، معتبرة أنه جرى اللعب على إيجاد أوراق ملغاة، وتم إلغاء 18 صوتا، والبعض تعمد ذلك لإسقاط اللائحة. وأوضحت أن الأغلبية في البرلمان لا تريد الغنوشي، وأنه لا يمكن أن يترأس مجلس النواب إلا بالخيانة. وفي جلسة ساخنة شارك فيها 133 نائبا أمس (الخميس)، صوت 97 لصالح الإطاحة بالغنوشي، فيما صوت 16 فقط برفض عزله، وأظهرت النتائج 18 ورقة ملغاة وورقتين بيضاوين. وأكد مراقبون سياسيون أن ما بعد هذه الجلسة بالنسبة ل«إخوان تونس»، خصوصا رئيس البرلمان، لن يكون كما قبلها، مؤكدين أن مستقبله السياسي أوشك على الأفول. وكانت الجلسة قد رفعت لحل خلافات حول التصويت ومدته، واتهم رئيس كتلة الإصلاح، حركة النهضة بممارسة ضغوط على النواب لعدم التصويت على سحب الثقة. وكان برلمانيون كشفوا أن «الإخوان» مارسوا ضغوطا وقدموا إغراءات مالية ووعودا بمناصب مهمة لعدد من النواب، من أجل إقناعهم بسحب توقيعاتهم على لائحة سحب الثقة. يذكر أن حركة النهضة وحزب الكرامة قد امتنعا عن التصويت. وعقدت جلسة سحب الثقة استجابة لطلب تقدمّت به كتل نيابية عدة لسحب الثقة من الغنوشي، بسبب فشله في إدارة البرلمان ومحاولته توسيع صلاحياته على حساب صلاحيات رئيس الدولة، إضافة إلى تحركاته المشبوهة لخدمة أجندة تنظيم الإخوان وحلفائه في الخارج، وفي مقدمتهم تركيا وقطر. واتهم برلمانيون ونشطاء الغنوشي بالثراء الفاحش على حساب الشعب التونسي، والزج بالبلاد في محاور ومصالح ضيقة، لا تخدم إلا التنظيم الإرهابي الذي ينتمي إليه. وعزل الغنوشي الذي يمكن أن يعود مجددا يتطلب تأييد 109 نواب، وهو ما يتوقع محللون تونسيون تحقيقه خلال الجولة القادمة، باعتبار أن خسارة هذه المعركة لا تعني خسارة حرب إنهاء عهد الإخوان في تونس. يذكر أن الغنوشي انتخب رئيساً للبرلمان التونسي في 13 نوفمبر 2019 بأغلبية 123 صوتاً، وخضع منذ توليه المنصب إلى جلستين للمساءلة حول تحركاته الخارجية في محيط الدول الداعمة والموالية لتنظيم الإخوان، وتعمقت خلالها الأزمة السياسية وتوسعت دائرة الخلافات والصراعات الحزبية.