أزمة خانقة باتت تعيشها صحيفة ال(نيويورك تايمز)، أخيراً، على خلفية تزايد الاتهامات تجاه الصحيفة الأمريكية بعدم الموضوعية والبعد عن المهنية في طرحها الإعلامي. وما إن تهدأ قضية ما للصحيفة الأمريكية، حتى تعود للواجهة بموضوع جديد يزيد من تأزيم وضع الصحيفة أمام المشهدين السياسي والإعلامي، في ظل ما يعتبره مراقبون استقطابا واضحا في خطاب الصحيفة الموجه لليسار دون غيره. وأحدثت قضية مقدم البرامج الأمريكي الشهير تاكر كارلسون وخروجه عن النص في برنامجه على قناة (فوكس نيوز)، الأسبوع الماضي، متبادلا الاتهامات مع الصحيفة الأمريكية، ضجة لم تهدأ حتى الآن، بعدما وجه تاكر اتهامات خطيرة للصحيفة. وفي تفاصيل القضية، كشف كارلسون، في ختام برنامجه ليلة الإثنين على قناة (فوكس نيوز)، أن صحيفة (نيويورك تايمز) لديها قصة تعمل عليها، من شأنها أن تكشف موقع منزله، ما قد يعرضه هو وعائلته للخطر. وقال: «في الأسبوع الماضي، بدأت صحيفة نيويورك تايمز في العمل على قصة عن مكان إقامتي»، وتابع: «كمسألة صحافة، لا يوجد مبرر يمكن تصوره لقصة كهذه. لا تدعي الصحيفة أننا ارتكبنا أي خطأ، ولم نفعل ذلك! نحن ندفع ضرائبنا ونحن نحب جيراننا. لم يكن لدينا نزاع مع أي شخص. فلماذا تقوم صحيفة نيويورك تايمز بعمل قصة عن موقع منزل عائلتي؟ حسنا، أنتم تعرفون لماذا؟ لإيذائنا وإيذاء زوجتي وأطفالي حتى أصمت وأتوقف عن الاختلاف معهم». وذكّر كارلسون المشاهدين أنه قبل نحو عامين وقعت حادثة أخرى مماثلة عندما كان يقيم في واشنطن العاصمة، إذ ظهر حشد غاضب أمام منزله، ما أجبر زوجته على الاختباء، بينما قام الغوغاء الغاضبون المتحالفون مع أنتيفا بتخريب منزله. وقال إن الأمر نفسه يمكن أن يحدث إذا تابعت صحيفة نيويورك تايمز القصة. وأضاف كارلسون: «يعرف المحررون هناك بالضبط ما الذي سيحدث لعائلتي عند نشر عنواني.. لقد اتصلت بهم، وقلت لهم لكنهم لم يهتموا، هم يكرهون سياستي ويريدون تحطيم هذا العرض. وإذا أصيب أحد أطفالي بسبب قصة كتبوها، فلن يعتبروها ضررا جانبيا. إنهم يعلمون أن الهدف من التمرين هو إلحاق الألم بأسرتنا، وترويعنا، للسيطرة على ما نقول»، محذراً من أنه سيضطر لكشف عناوين ومنازل المحررين الذين يعملون على القصة على الهواء مباشرة إذا نشروا عنوان منزله. تمييز عنصري ووصف ب«النازية» وأكدت أنها أصبحت محل تنمر من قبل زملاء يختلفون مع آرائها، قائلة: «لقد وصفوني بالنازية والعنصرية على مرأى ومسمع مسؤولي الصحيفة في برنامج Slack المختص بموظفي الصحيفة». وتابعت: «هناك ينشر البعض الآخر الرموز التعبيرية العنصرية بجوار اسمي. ولا يزال هناك موظفون آخرون في نيويورك تايمز يشوهونني بشكل علني ككاذبة ومتشددة على «تويتر» دون خوف من أن المضايقات ستقابل بالإجراءات المناسبة.. إنهم ليسوا كذلك أبداً. هناك شروط لكل هذا التمييز غير القانوني، وبيئة العمل العدائية، وأنا لست خبيرا قانونيا لكنني أعلم أن هذا خطأ». وتساءلت: «أنا لا أفهم كيف سمحت لهذا النوع من السلوك أن يستمر داخل شركتك على مرأى ومسمع من موظفي الصحيفة بأكملهم والجمهور؟ أنا بالتأكيد لا أستطيع التوفيق كيف وقفت أنت وقادة التايمز الآخرون عندما تمدحونني على انفراد لشجاعتي. وفي الوقت نفسه تتجاهلون الإساءة لي». تخبّط و«حرب أهلية» وفي يونيو الماضي، عاشت الصحيفة أيضاً فصلاً جديداً من التخبط الداخلي، إذ دخلت في حالة من التيه بعد أن نشرت صفحتها الافتتاحية مقالاً للسيناتور الجمهوري توم كوتون، دعا فيه إلى استخدام ساحق للجيش لسحق أعمال الشغب ووقف النهب والسلب، والمساعدة في استعادة النظام داخل المدن الأمريكية، التي يسيطر عليها العنف والنهب والجريمة بعد وفاة جورج فلويد. المقال الذي أزعج قراء الصحيفة وموظفيها وأثار غضب اليسار، أشعل موجة من الغضب داخل الصحيفة. وغرّدت بيري وايس، على «تويتر» قائلة إن هناك «حربا أهلية» تندلع داخل التايمز. وتراجعت الصحيفة في وقت لاحق عن المقالة، وقالت متحدثة باسم الصحيفة: «إنه كانت هناك عملية تحرير متسرعة، وإن الصحيفة ستخفض عدد مقالات الرأي التي تنشرها». وفي البداية، دافع محرر صفحة الرأي جيمس بينيت عن المقال، لكنه قال في وقت لاحق إنه من الخطأ نشره، وألقى باللوم على حدوث خلل في عملية التحرير بسبب الخطأ. ولم تمض أيام حتى قدم بينيت استقالته من منصبه. استقالة «محررة الرأي» «تويتر» المحرر النهائي في 15 يوليو، كشفت استقالة محررة صفحات الرأي في صحيفة نيويورك تايمز، بيري وايس، المستور في الصحيفة، إثر ممارسات أعلنتها وايس تُمارس ضدها في الصحيفة دون رادع من الإدارة، مثل التنمر الذي تعرضت له، بعد أن وصفها زملاؤها بالنازية والعنصرية. وأشارت وايس في رسالة الاستقالة، المنشورة على موقعها الرسمي والمُرسلة إلى ناشر التايمز، إلى أن الفكر اليساري المتطرف بات يسيطر على الصحيفة، وباتت المقالات تصاغ لإرضاء جمهور محدد. وأرجعت سبب توظيفها إلى فوز الرئيس دونالد ترمب عام 2016، إذ اعترفت الصحيفة بأنها فشلت في هذا التنبؤ، وباتت بعيدة عن قضايا الناس المحلية. وقالت المحررة البالغة من العمر 36 عاما، إن «تويتر» أصبح «المحرر النهائي» في الصحيفة، وأضافت: «يتم اختيار القصص وسردها بطريقة ترضي أضيق الجماهير، بدلاً من السماح للجمهور العام بالقراءة عن العالم، ومن ثم استخلاص استنتاجاته الخاصة». وكتبت في خطاب استقالتها: «بحزن أكتب لأقول لكم إنني أستقيل من صحيفة نيويورك تايمز.. لقد انضممت إلى الصحيفة بامتنان وتفاؤل قبل 3 سنوات. تم تعييني بهدف جلب أصوات مخالفة لن تظهر على صفحات الصحيفة.. لقد جلبت العديد من الكتاب لأول مرة، منهم الوسطيون، والمحافظون وغيرهم. لقد كان سبب هذا الجهد واضحاً وهو فشل الصحيفة في توقع نتائج انتخابات عام 2016، وهو ما يعني أنها لم يكن لديها فهم راسخ للبلد الذي تغطيه». وتابعت: «اعترف دين باكيه وآخرون بالقدر نفسه في مناسبات مختلفة بهذا القصور الحرج، وقالوا إن الأولوية في صفحات الرأي هي للمساعدة في معالجة هذا القصور المعيب».