كمواطن سعودي أشعر بصدمة كبيرة من أخبار الأمس التي تركزت على تقرير صحيفة وول ستريت جورنال عن المسؤول السعودي السابق سعد الجبري الهارب من العدالة، فعندما نقرأ تفاصيل التقرير وما تم نشره في مواقع أخرى من معلومات عن انتمائه الفكري وارتباطه الأيديولوجي والحركي بتنظيم الإخوان المسلمين، وعلاقته مع أجهزة استخبارات أجنبية لدول اتضحت الآن مؤامرات بعضها ضد المملكة بشكل علني، فإنه إذا صحت هذه المعلومات فإن الضرر الذي ألحقه بنا أكبر وأخطر من نهبه للمليارات التي كان مسؤولاً مباشراً عنها وبكامل الصلاحيات لمواجهة قضية الإرهاب. قضية الفساد المالي ليست بدعاً ولا هي مفاجأة، فقد كشف لنا مشروع مكافحة الفساد، الذي يقوده بشجاعة ولي العهد، رؤوساً كبيرة عبثت بالمال العام في مختلف مؤسسات الدولة، والفساد لن يزول من أي مكان في العالم إلا بانتهاء الحياة، ولكن بعض الوظائف والمسؤوليات لا تحتمل أدنى قدر من الفساد فكيف بكثيره، وسعد الجبري كان مسؤولاً مهماً في جهاز أمني لسنوات طويلة، أوكلت له مهمات حساسة لمكافحة أكبر خطر كان يهدد الوطن، ولأن الذمة ليس لها وجهان فإنه لا يمكن لفاسد في المال العام المؤتمن عليه أن يكون أميناً في المهمة الموكلة إليه، ولذلك ما الذي يكون قد فعله بالوطن هذا المسؤول الذي كان يتعامل مباشرةً مع الإرهاب والإرهابيين. اختراق الفاسدين لأجهزة الدولة مشكلة كبيرة في كل الأحوال، لكن المال يمكن استرداده حتى وإن تسبب نهبه في بعض الأضرار المادية في مشاريع وغيرها، بينما الفساد الفكري بالانتماء المبطن لفكر هدام هدفه تقويض الوطن مشكلة خطيرة، وخطر مؤكد، فكيف عندما يكون صاحبه في موقع مسؤولية أمنية عالية ومحصنة وبصلاحيات مطلقة. بلا شك فإن الدولة قد وضعت يدها على كل خيوط خيانة الجبري وشبكته، وبالتأكيد فإنها قد انتبهت للتساهل السابق في اختيار المسؤولين للمواقع المهمة، خصوصاً المرتبطة بالأمن الوطني، ولكن لا بد من بذل كل الجهود لمثوله أمام العدالة هنا لأنه خان وطناً، ولم يسرق أموالاً فقط.