عاود حزب «العدالة والتنمية» التركي الحاكم والذي يتزعّمه الرئيس رجب طيب أردوغان، طرح تشريعٍ معدّل يقضي بمنح السلطات المزيد من الصلاحيات التي تسمح بالتجسس والتقصي على كلّ من يدخل الخدمة الحكومية للمرة الأولى وذلك رغم حكمٍ صدر عن «المحكمة الدستورية العليا» أواخر شهر نوفمبر الماضي وقضى بإلغاء هذا القانون. ويستعد الحزب الحاكم وحليفه في حزب «الحركة القومية» اليميني المتطرّف الذي يقوده دولت بهجلي، لمناقشة هذا التشريع في البرلمان التركي في أقرب فرصةٍ ممكنة بعد حصولهما على موافقة «لجنة الشؤون الخارجية» في البرلمان يوم 25 يونيو الماضي. وقال مراد ساري ساتش النائب في البرلمان عن حزب «الشعوب الديمقراطي» المؤيد للأكراد إن «الحزبين يهدفان من وراء هذا التشريع إلى إبعاد المعارضين لهما عن دوائر الدولة والشأن العام، فالتحرّيات التي ستجرى على نطاقٍ واسع عن كلّ من سيدخل الجيش ودوائر الشرطة وغيرها من المراكز الحكومية، ستقضي حتماً بعدم توظيف كلّ من لا يؤيد الحزب الحاكم وحليفه»، بحسب موقع «العربية». وأضاف ساتش أن «هذا التشريع يهدف أيضاً لفتح المجال أكثر أمام توظيف أنصار حزبي أردوغان وبهجلي، وما يؤكد ذلك هو أن كلّ شخص مؤهل لاستلام وظيفة حكومية سيخضع لتحقيقات وستجري السلطات تحرّيات شاملة عنه وهذا أمر لم يكن يحصل في السابق سوى مع من يدخلون مدارس الجيش والشرطة والاستخبارات». وتابع أنه «في غضون حالة الطوارئ التي أُعلنت في تركيا نتيجة محاولة الانقلاب العسكري المزعوم قبل نحو 4 سنوات، طرد أكثر من مئة ألف شخص من وظائفهم الحكومية نتيجة معرفة السلطات بمواقفهم المناهضة للحزب الحاكم وحليفه، أو على أقل تقدير عدم موالاتهم للحزبين بعد تحرّيات قامت بها، وحينها وجد حزب أردوغان أن هذه التحريات تفيد باستبعاد كل معارضيه، لذلك يسعى لشرعنتها اليوم عبر البرلمان». كما أشار إلى أن «الأغلبية البرلمانية التي يتمتع بها حزبا أردوغان وبهجلي تمنحهما فرصة إضافية لتمرير هذا التشريع رغم أننا في حزب الشعوب الديمقراطي نعارضه بشدّة، والسبب الرئيسي هو أننا نرفض فكرة الدولة الحزبية وهو ما يبدو واضحاً في هذا التشريع الذي يود إرغام كل شخص على الانضمام لحزب أردوغان كي يتسنى له استلام وظيفةٍ حكومية». ويقضي التشريع الذي سبق وأن نجح حزبا أردوغان وبهجلي في تمريره عبر البرلمان، بإجراء تحقيقات ومراقبة كلّ من يسعى للتوظيف في بعض المؤسسات الحكومية. ولا تقتصر هذه التحقيقات والمراقبة على المعنيين بتلك الوظائف، بل تشمل أقاربهم من الدرجة الأولى أيضاً. وتعليقا على ذلك، قال مسعود أوزَر وهو محامٍ معروف إن «هذا التشريع غير دستوري ويخالف القانون التركي الذي يحصر التحقيقات والمراقبة على من يود التوظيف فقط»، وفقا لموقع «العربية». وأضاف أن «مجرّد السماح بإجراء تحقيقاتٍ وتحرّيات على نطاقٍ واسع مع أقرباء من يطلب توظيفاً حكومياً، يعني أنه قد يُعاقب على أفعال غيره». وتابع أن «السلطات بكل تأكيد ستمنع توظيف من يتواجد في عائلته معارضون لها وهذا هو الهدف الرئيسي والمطلوب من هذا التشريع».