تشهد محافظة العلا والحجر (مدائن صالح) ومنذ العام 2017، نقلة سياحية وثقافية غير مسبوقة حينما اتجهت إليها بوصلة رؤية المملكة 2030، حيث صدر الأمر الملكي الكريم بإنشاء الهيئة الملكية لمحافظة العلا من أجل أن تكون إحدى الوجهات الأثرية والثقافية المهمة. ولعل من ضمن الأشياء المبهجة التي استبشر بها أهالي العلا هو انطلاقة برنامج الابتعاث الخارجي الذي يستهدف أبناء المحافظة في تخصصات السياحة والضيافة، والتقنيات الزراعية، وعلم الآثار والتاريخ وهي من أهم الخطوات التي تنفذها الهيئة على المدى البعيد لإعداد جيل يمتلك أدوات المعرفة العلمية ومقومات القيادة وريادة الأعمال والابتكار والتخطيط. وذلك في جامعات عالمية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، والمملكة المتحدة، وفرنسا وغيرها من الدول للحصول على درجة الدبلوم أو البكالوريوس أو الماجستير. إن استهداف أبناء وبنات العلا في برنامج الابتعاث يؤكد على رؤية جادة باتجاه العمل الحقيقي الذي يريد أن يستثمر في بناء الإنسان قبل كل شيء. وحيث المنطقة تزخر بالفعل بمقومات تراثية وثقافية وحضارية وطبيعية، تجعلها مؤهلة وحاضرة وجاذبة في مضمار السياحة والثقافة والفنون. مما سيكون له الأثر الإيجابي إن شاء الله على مستوى الحراك التنموي والثقافي والسياحي حينما يعود أولئك المبتعثون ليساهموا في منظومة العمل والقيادة والنجاح في بلدتهم ومحافظتهم. وشكلت تجربة مهرجان شتاء طنطورة في نسختيه الأولى والثانية تجربة ثرية على مستويات عدة وفتحت نوافذ استثمارية كثيرة وفرص عمل متعددة إضافة إلى البعد الثقافي والفني والبعد الجمالي الذي تشكل في تلك الفترة. وكان لي شرف زيارة المهرجان على مدى أسبوع خلال نسخته الأخيرة. وما زال العمل قائماً في محافظة العلا تتسع مداراته وتتسع رؤاه ويتم تقييم التجارب بوجه عام، وربما يلحظ الزائر لمحافظة العلا حاجتها الماسة إلى وجود الفنادق والنزل والبنى التحتية الأخرى التي تبدو مهمة لرفد ودعم المشهد السياحي الذي يقفز بشكل كبير وفي ظل الإقبال المتزايد على وجهاتها السياحية والطبيعية وفعالياتها الجاذبة. كما أن على وزارة النقل مسؤولية كبيرة بضرورة الالتفات إلى طريق العلا/ المعظم/ تبوك فهو طريق مهم يربط بين أربع وجهات سياحية مهمة وهي (العلا الحجر/ نيوم/ تبوك / مشروع منتجعات آمالا / مشروع جزر البحر الأحمر في الوجه وأملج) لكنه ما يزال طريقاً زراعياً قديماً بمسار واحد ومنعطفات خطيرة وشهد العديد من الحوادث القاتلة. إن وزارة النقل ومن خلال فرعيها بمنطقة المدينةالمنورة ومنطقة تبوك مطالبة بمواكبة متغيرات المرحلة بجهد مضاعف لاسيما أن محافظة العلا أصبحت وجهة عالمية منذ تسجيل الحجر مدائن صالح في قائمة التراث العالمي لليونسكو وانتهاء بإنشاء الهيئة الملكية بالعلا وهو الطريق الذي يربط العلا بمدينة نيوم التي ستصبح مركزاً عالمياً للتجارة والمعرفة والابتكار ووجهة اقتصادية سياحية أولى تربط بين ثلاث قارات. وسنتحدث في المقال القادم بإذن الله عن نيوم التي كانت قرية بلا ملامح إلى مدينة عالمية. كاتب سعودي ALOKEMEabdualrh@