أثقل الشرطي الأبيض بركبته على عنق المواطن الأسود (جورج فلويد) حتى سرى البرد في أطرافه وانقطعت أنفاسه في مشهد مأساوي يعود بنا إلى التنكيل الذي مارسته منظمة (كوكلوكس) ضد الأمريكيين الأفارقة منتصف القرن التاسع عشر عندما نادوا بالمساواة والتحرر من العبودية. ولم يُطبِق جورج جفنيه كرهاً حتى تراءى وجهه محمولاً بأيدي المتظاهرين المنددين بالعنصرية، وزادهم حنقاً موقف الرئيس ترمب الذي لم يبدِ أي تعاطف مع الضحية، فاندفعوا يقذفون بالطوب ويكسرون بالعصي ويسقطون التماثيل ويسرقون ما اقترب من أيديهم ولسان حالهم: لا نستطيع أن نتنفس!! إن التمييز العنصري هو الخطيئة الأولى التي شوهت نشأة الولاياتالمتحدة، وبرغم بذل الجهود لمداراتها، إلا أن التفاوت الاقتصادي رسخ للبروليتارية، فلفح الفقر الوجوه السوداء وأزكمت الحاجة أنوفهم حتى وصل متوسط دخل الأسرة البيضاء عشرة أضعاف دخلهم. قد يفوز ترمب في الانتخابات القادمة وقد يخسر، لكن استغلاله المظاهرات لدعم حملته الانتخابية بطريقة ثيوقراطية مقنّعة رفع فيها الانجيل للمحافظين الذين يريدون لأمريكا أن تعود لهويتها المسيحية متجاهلاً البقية قد عمّق الانقسام داخل المجتمع وأدار العقارب للساعة 25 التي تكون فيها كل محاولة لإنقاذ المجتمع من التمييز العنصري عديمة الجدوى كما وصفها قسطنطين فيرجيل في روايته.