في أتون جائحة كورونا، اندلعت في العالم «الحرب على التماثيل»! فقد انتقلت إلى بريطانيا، بعد الولاياتالمتحدة. وأدى الجدل المتنامي، بشأن اتهامات لما يعتبره بيض بريطانيا وأمريكا رموزهم التاريخية بالعنصرية، في خضم الاحتجاجات الناجمة عن مقتل الأمريكي الأفريقي جورج فلويد تحت رُكبة رجل شرطة. ولم ينج من «حرب التماثيل» في لندن رئيس الوزراء الأشهر ونستون تشرشل، وفي بروكسل تمثال الملك ليوبولد الثاني، وفي نيوزيلندا تمثال ضابط الأسطول البحري البريطاني القبطان جون هاملتون، في المدينة التي تحمل اسمه، بعدما اتهمه أحفاد السكان الأصليين (الماوري) بذبح أسلافهم في ستينات القرن ال 18. وعمد عمدة لندن صادق خان إلى تغطية بعض التماثيل بحواجز خشبية عاتية، لحمايتها من أي تخريب محتمل أثناء تظاهرات أنصار حركة «بلاك لايفس ماتار» المحتجة على مقتل فلويد. ولم يرض ذلك رئيس الوزراء، حتى بعدما شاهد صور المحتجين الأمريكيين يطيحون بتمثال مكتشف «الدنيا الجديدة» كريستوفر كولمبس. وقال بوريس جونسون، إن تغطية تمثال تشرشل «سخيف»، وإن بريطانيا لن تهرب من تاريخها. وفي بلجيكا تم تشويه تماثيل الملك ليوبولد الثاني في نحو خمس مدن بلجيكية. وامتدت الاحتجاجات إلى الكونغو، وهي مستعمرة بلجيكية سابقة، حيث طالب المتظاهرون بإسقاط جميع تماثيل ليوبولد الثاني في بلجيكا، بتهمة أنه ارتكب إبادة جماعية في الكونغو. وكانت أفريقيا أسبق من قارات العالم للثورة على التماثيل التي نصبت تخليداً للاستعماريين السابقين، وقادة الفصل العنصري في جنوب القارة الأفريقية. فقد أطيح في جنوب أفريقيا بتماثيل ملكة بريطانيا السابقة فيكتوريا، ومؤسس زيمبابوي سيسيل رودس. فهل هي صحوة لأصحاب حقوق سليبة يجدون سنداً من البيض غير العنصريين؟ أم أنها مجرد أعمال شغب، كما تصفها دوائر محافظة في لندن، وواشنطن، وبروكسل؟ وعمّت حرب التماثيل حتى الآن بوسطن، ونيويورك، وباريس، وبروكسل، وأكسفورد ببريطانيا. وتساءل المهتمون أيضاً هل يمكن وصف هذه الاحتجاجات، وما يصاحبها من إطاحة بتماثيل القادة الإمبراطوريين، والمستكشفين، وتجار الرقيق، والغزاة، بأنها محوٌ للتاريخ؟ أم تشذيب له يزيل منه كل ما سبَّب من آلام في الماضي والحاضر؟