اندلع سجال علني بين بعض أبرز الأطباء الإيطاليين ونظرائهم العالميين، بعدما ادعى طبيب إيطالي مرموق أن فايروس كورونا الجديد «لم يعد له وجود من ناحية إكلينيكية». وكان الدكتور ألبرتو زانغريللو، الذي يترأس وحدة العناية الفائقة بمستشفى رافائيلي في مدينة ميلانو، بمقاطعة لومباردي، التي كانت بؤرة اندلاع وباء كوفيد-19، قال في مقابلة تلفزيونية نهاية الأسبوع إن دراسة أجراها زملاؤه أظهرت أن فايروس كوفيد-19 بدأ يفقد قدراته. وكان زانغريللو حقق شهرة واسعة خلال توليه الرعاية الطبية الخاصة برئيس وزراء إيطاليا السابق سيلفيو بيرلسكوني. وقال في تصريحاته التي أثارت الجدل: إن الدراسة (التي أجراها زملائي) تظهر الفايروس وهو يضعف، وأنه في الواقع، من ناحية إكلينيكية لم يعد موجوداً. وأضاف: «مسحات الاختبار التي تم استخدامها خلال الأيام ال10 الماضية أظهرت حمولة فايروسية بكميات ضئيلة جداً، مقارنة بالاختبارات التي أجريت خلال الشهر أو الشهرين الماضيين. وأوضح زانغريللو أنه استقى تلك المعلومات من دراسة أجراها الدكتور ماسيمو كليمنتي، الذي يدير مختبر الفايروسات والأحياء الدقيقة بمستشفى سان رافائيللي؛ موضحاً أنها ستنشر قريباً جداً». دهشة كبيرة واستغراب شديد وما إن تم بث المقابلة على شبكة راي التلفزيونية الحكومية، حتى سارع رئيس المجلس الصحي الأعلى فرانكو لفوكاتيللي ليعرب عن «دهشته الكبيرة واستغرابه الشديد» لتصريحات البروفيسور زانغريللو. وزاد: أنظروا إلى عدد الإصابات الجديدة التي يتم تأكيدها كل يوم، لتجدوا الإثبات على الشيوع المستمر لهذا الفايروس في إيطاليا. وكانت إيطاليا أعلنت اكتشاف أول إصابة لفايروس كورونا الجديد في فبراير الماضي. وعانت من ارتفاع عدد الإصابات والوفيات حتى قبل بضعة أسابيع. وقررت منذ الأسبوع الماضي معاودة فتح بعض الأنشطة الاقتصادية. وبدأ في إيطاليا أمس استئناف الرحلات الدولية بين البلدان الأوروبية. وبلغ عدد الإصابات في إيطاليا حتى أمس 233.515 حالة، فيما بلغ عدد الوفيات 33.530 وفاة. وتحتل إيطاليا -بحسب رصد «عكاظ»- المرتبة السادسة بين دول العالم من حيث عدد الإصابات. تتقدمها بريطانيا، وتليها في المرتبة السابعة الهند. ويصل عدد الحالات الناشطة في إيطاليا 101.483 إصابة. ويذكر أن وباء كوفيد-19، الذي يسببه فايروس كورونا الجديد أدى حول العالم إلى إصابة أكثر من 6.4 مليون نسمة، وإلى وفاة أكثر من 382 ألفاً، بحسب أرقام موقع «ويرلدأوميتر» بعد ظهر الأربعاء. ووصفت وكيلة وزارة الصحة الإيطالية ساندرا زامبا تصريحات البروفيسور زانغريللو بأنها «خطيرة في وقت يجب فيه الحذر». وطالبت زامبا «من يقولون إن الفايروس لم يعد موجوداً يجب ألا يثيروا ارتباك الشعب الإيطالي، قبل أن يتملكوا الدليل العلمي على ما يقولونه». وأضافت: حتى حين أعدنا تشغيل الرحلات الجوية الداخلية، ومحاولات العودة إلى الوضع الطبيعي، فإن واجبنا يحتم علينا أن نحض الإيطاليين على التزام أقصى التحوطات والحذر. ودخل مدير برنامج الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية الدكتور مايكل رايان على الخط أمس الأول، بإعلانه أن فايروس كورونا الجديد لم يصبح أقل قدرة على القتل. وقال: إنه لا يزال فايروساً قاتلاً. وشدد على «أننا بحاجة إلى التزام حذر استثنائي حتى لا نخلق انطباعاً مفاده أن هذا الفايروس قرر بمحض إرادته أن يصبح أقل قدرة على الإماتة». وزاد: المسألة ليست أن الفايروس أصبح أقل شراً، بل ربما استطعنا نحن كمجتمعات حول العالم أن ننجح في تقليص عدد وشدة التعرض للفايروس. حمولته الفايروسية انحسرت بيد أن البروفيسور زانغريللو ليس وحده من يعتقد بأن فايروس كورونا الجديد قد أصابه الوهن، أو اعتراه ضعفٌ ما. فقد قال مدير عيادة الأمراض المُعدية بمستشفى سان مارينو، بمدينة جنوى، مالتيو باسيتي مطلع الأسبوع الحالي، إن خبراته وتجاربه تشير إلى أن الفايروس لم يعد بالشراسة السابقة. وزاد: قد يكون الفايروس الحالي مختلفاً الآن؛ إذ إن قدرته التدميرية التي امتلكها قبل شهرين ليست هي قدرته التدميرية اليوم، بحسب تصريحه الذي بثته وكالة الأنباء الحكومية الإيطالية «أنسا». وأضاف: فايروس كورونا الجديد يتفشى حالياً بسرعة أبطأ، أي أن حمولته الفايروسية التي يطلقها في السكان انحسرت، ناجم عن تدابير الإغلاق، والإجراءات التي لا تزال مفروضة، كارتداء الكمامة، والالتزام بالتباعد الجسدي.