في ظل الأزمات والكوارث والاضطرابات ترتفع الأصوات من القادرين على إيصال أصواتهم لإنقاذهم من الكارثة التي حلت عليهم، ومن أقوى الأصوات أصوات العمال وأصحاب العمل كلاًّ يبحث عن بدل الضرر ويطالب شريكهم الثالث بإنصافهم وتعويضهم والتقليل من خسائرهم، وهو الشريك القوي والحكم والعادل والكل يحتكم عنده، وفي قانون منظمة العمل الدولية الشركاء ثلاثة: أصحاب العمل، والعمال، والحكومات وهي الأساس الذي ينظر له بقية الشركاء بأنه المنقذ لهم والداعم والمساند لهم في أزماتهم، والحقيقة هذا الذي أراه اليوم في الحكومة السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين، ففي الأزمة الكبرى التي نواجهها اليوم وعلى المستوى العالمي دون استثناء والتي لم يواجهها العالم منذ قرون فهي أشد وأقوى تأثيراً من الحربين العالميتين الأولى والثانية تقف أمامها الدول العظمى مكتوفة اليدين غير قادرة على مواجهة الفايروس والتصدي له. وفي وسط هذه الأزمة التي تواجهها أطراف الإنتاج في المملكة العربية السعودية تتقدم المملكة ببرنامج دعم ومساندة لأطراف الإنتاج، فرصدت حوالى مائتي مليار ريال لدعم قطاع الأعمال حفاظاً على بقائه واستمراره وحفاظاً على عدم انهياره بشرط المحافظة على بقاء العمالة في وظائفهم حتى ولو بالحد الأدنى من الرواتب من خلال برنامج ساند (التأمين ضد التعطل عن العمل)، وبرنامج هدف لدعم رواتب العاملين المواطنين في القطاع الخاص، بالإضافة إلى برامج مباشرة وغير مباشرة لدعم القطاع الخاص ومن أهمها خفض بعض الرسوم وتأجيل بعضها وهي برامج تضع المملكة في مقدمة دول العالم التي تحافظ على أطراف الإنتاج أصحاب الأعمال والعمال. وفي وجهة نظري أن المحافظة على القطاع الخاص تؤدي مباشرة إلى المحافظة على الوظائف، والتي تساهم بتخفيض نسب البطالة ونسب الفقر، وهذا ما يدفعني اليوم إلى التركيز على أهمية توجيه جزء من الدعم الحكومي للفقراء لأن العديد من الجمعيات الخيرية في المملكة كانت تدعم من قبل القطاع الخاص رجال أعمال وتجار وأثرياء وذلك في الأوضاع الطبيعية واستقرار ونمو الاقتصاد، أما في الظروف الطارئة والقاهرة مثل ظرف فايروس كورونا الذي أصاب القطاع التجاري والصناعي والخدمي بكارثة أدت إلى توقف جزء منه أو تباطؤ نمو وشبه توقف لدى البعض الآخر مما يضعهم هذا العام في موقف حرج أمام دعم الجمعيات الخيرية لدعم الفقراء وعلى وجه الخصوص ونحن على أبواب شهر رمضان المبارك. وإذا جاز لي الاقتراح هو أن يتم حصر إجمالي التبرعات من رجال الأعمال والشركات للجمعيات الخيرية في الأعوام الثلاثة الماضية، وتقوم الدولة بدعم جميع الجمعيات الخيرية بمتوسط الدعم السنوي لها من القطاع الأهلي أو بضِعف الدعم السنوي، لأنني أتوقع عجزاً سيطرأ على ميزانية التبرعات في الجمعيات الخيرية وسيدخل على قائمتهم قائمة جديدة منهم أصحاب الإنتاج المنزلي وأصحاب الصناعات التقليدية وبعض العمالة التي توقفت عن العمل بالإضافة إلى العمالة الأجنبية التي لم يصدر بحقها دعم للتعطل عن العمل وعدم قدرتها العودة إلى بلادها نظراً للحجر وتوقف السفر. إن الجمعيات الخيرية في المملكة تعتبر من أهم الدعائم الرئيسية للفقراء ويتعدى دور العديد منها من تقديم الغذاء والكساء إلى أدوار إيجابية تخدم اقتصاد الأسرة ومنها تعليم أبناء الفقراء وإعادة تأهيلهم للعمل والإنتاج، واستطاعت بعض من الجمعيات الخيرية أن تخرج أسراً عديدة من دائرة الفقر إلى دائرة الدخل المحدود، واستطاعت بعض من الجمعيات الخيرية لرعاية الأيتام تحويل هذه الفئة من أطفال مشردين وبعضهم مجهولو الهوية إلى أطفال متعلمين ومثقفين يساهمون في الإنتاج والعمل، ومن وجهة نظري أن أهم دعم ينبغي أن يوجه إلى الجمعيات الخيرية لسد العجز في ميزانياتها هذا العام وتفعيل دورها لتشمل شريحة أفضل قد تظهر على السطح مؤخراً. * كاتب سعودي [email protected]