منصة إلكترونية لتسهيل أعمال مجلس التنسيق السعودي العماني    جزيرة خاصة للفائز بمسابقة منصة راعي النظر "سنام" ضمن مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل    أمين الشرقية: المدينة العالمية بالدمام وجهة سياحية وترفيهية فريدة    مجموعة stc تعزز خدماتها الرقمية في مدينة القدية بشراكة السرعة لمنتزه Six Flags    زامبيا تخطف تعادلا مثيرا أمام مالي في كأس أمم أفريقيا بالمغرب    على مدى 5 أيام وبمشاركة 24 مدرباً وطنياً .. اختتام المرحلة الأولى من دورة "A" للرخصة الآسيوية بالرياض    المنح التعليمية ودورها في التنمية    أمين نجران يتفقد المشروعات البلدية بشرورة والوديعة    خطر الدراما وأثرها في خراب البيوت    لماذا تخاف وقد اختارك الله من بين الملايين    ورشة عمل تناقش الاستفادة من الدعم الحكومي لرأس المال البشري في قطاع الإعلام    تيين: شعوري استثنائي بالفوز ببطولة الجيل القادم لمحترفي التنس بجدة    الأمير سعود بن نهار يطّلع على خطط ومشاريع شركة المياه الوطنية    المتصدّر يتعثر.. والعلا يقفز إلى الوصافة    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تطلق مهرجان القراءة ال 25    الملحق العسكري في سفارة مصر بالمملكة يزور التحالف الإسلامي    "الشورى " يقر مشروع تطوير الاطار التشريعي للإجراءات الجمركية    نجاح أول عملية للعمود الفقري بتقنية (OLIF) الحديثة بمستشفى الملك فهد بجازان    فريق طبي بمستشفى الإيمان العام يُجري عملية تلبيس مفصل الركبة بنجاح    سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعا 67 نقطة    أمير جازان يستقبل رئيس جامعة جازان الدكتور محمد بن حسن أبو راسين    عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى    جناح إمارة مكة المكرمة يقدم عرضًا تعريفيًا عن محافظات المنطقة ضمن مهرجان الإبل    بين الملاحظة و«لفت النظر».. لماذا ترتاح المرأة للاهتمام الذي لا يُطلب !!    هبوط الين أمام اليورو والفرنك السويسري    الإدارة العامة للاتصالات والأنظمة الأمنية تدعم الجاهزية التشغيلية في معرض «واحة الأمن»    زراعة النخاع العظمي الذاتية تسجل نجاحها الثالث    فقيه للرعاية الصحية تطلق برنامج دعم الابتكار في DeveGo 2025    مدرب نابولي: بلغنا النهائي بجدارة واستحقاق    تنوع بيولوجي في محمية الملك سلمان    «الشؤون الإسلامية» في عسير تنفذ 30 ألف جولة رقابية    انطلاق تصفيات مسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن في جازان    شراكة نوعية لتعزيز الخدمات الصحية والمجتمعية في الباحة    سحب 5.5 ملايين متر مكعب من مياه الأمطار في الشرقية    خطط «الصحة» على طاولة أمير القصيم    تقدم في نزع الألغام ببابنوسة.. تحركات دبلوماسية لوقف النار في السودان    روسيا تشكك في جدوى المبادرات.. زيلينسكي يرفض التنازل عن الأراضي    في أولى جولات كأس أمم أفريقيا 2025.. مصر تواجه زيمبابوي.. ومالي تصطدم بزامبيا    معرض جدة للكتاب 2025 يختتم فعالياته    القراءة.. الصديق الذي لا يخذل    من هن النسويات؟    عراقجي: التكنولوجيا باقية رغم الضربات.. إيران تقر بتضرر منشآتها النووية    في ظل دعم ولي العهد المتواصل ل«سدايا».. السعودية الأولى إقليمياً بمؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي    بناء القدرات وتبني الابتكار وتعزيز الشفافية.. السعودية تتقدم في مؤشر أداء الأجهزة الإحصائية    بهدف تعزيز بيئة العمل الداخلية.. وزير«الموارد» يدشن «الغرف الإبداعية» بالجهات الحكومية    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. سمو وزير الدفاع يُقلِّد قائد الجيش الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. وزير الدفاع يقلد قائد الجيش الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    جهود أمين جدة وسرعة الإنجاز لشبكة تصريف الأمطار    أين يبدأ التنمر الوظيفي وأين ينتهي؟    أنغام تودع عاماً وتستقبل عاماً في «ليلة الحب»    ألمانيا: إصدار أكثر من 100 ألف تأشيرة في إطار لم شمل عائلات اللاجئين في 2025    طربيات «موسم الخبر» تبرز فن تركي عبدالعزيز    منهج الاحتلال.. استيطان وعنف    الصراع الإسرائيلي الإيراني بين الضربات العسكرية وحسابات الردع    في كل شاب سعودي شيء من محمد بن سلمان    بيان مديراً لمستشفى الأمير عبدالمحسن    مشلول يتحكم في روبوتات بإشارات الدماغ    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تعيد توطين طائر الجمل بعد غياب 100 عام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عالم ما بعد كورونا.. شراسة إقليمية
نشر في عكاظ يوم 03 - 04 - 2020


الشرق الأوسط أكبر المتضررين من العالم الجديد
الصين لن تقود العالم رغم تداعيات كورونا
هاس: انكفاء الدول على نفسها لعدة سنوات
انهيار مبادئ السياسات الدولية بعد كورونا
التجارة والعامل الاقتصادي الذي كانت تتمتع به الولايات المتحدة، من أبرز العوامل التي حطمت مبدأ الرئيس الأمريكي جيمس مونرو، الذي يقوم على عزلة أمريكا باعتبارها قارة معزولة جغرافيا، كما أن الرئيس الأمريكي لم يكن يريد الانغماس في مشاكل وصراعات أوروبا، لكن تجارة الشاي والذرة والسكر والمنتجات الأمريكية الزراعية الوفيرة -آنذاك- جعل منها قوة اقتصادية مندفعة للخارج، تحتاج إلى تفاعل مع المحيط البعيد.
خرجت الولايات المتحدة، بشكل مؤثر وحاسم في الحربين العالميتين الأولى والثانية، في المرة الأولى حاول الرئيس الأمريكي وودر ويلسون تحييد أمريكا عن هذه الحرب، لكن بعد عامين ونصف العام قررت أمريكا الدخول في هذه الحرب، وكان وجودها إلى جانب الحلفاء مؤثرا لجهة الحلفاء، وذات الأمر تكرر في الحرب العالمية الثانية، إذ اشتعلت الحرب في سبتمبر 1939، وبقيت أمريكا بعيدة سنتين وثلاثة أشهر حتى ديسمبر 1941.
بعد هاتين الحربين، ذُهلت أمريكا بحجم الفراغ الدولي في العالم وانكفاء الدول الأوروبية عن مستعمراتها التاريخية في الشرق الأوسط، وهي في ذات الوقت -أوروبا- تلفظ أنفاسها لخلع آخر ثياب الإمبراطورية، بينما كان العالم واحة اقتصادية يسيل لها اللعاب، من هنا ظهر مبدأ «أيزنهاور» في الشرق الأوسط، نسبة للرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور؛ وهو أول ملامح الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط، إذ يقوم على ملء الفراغ البريطاني والفرنسي في المنطقة، وبعدها تمت صياغة العالم الجديد ما بعد الحرب العالمية الثانية على أساس هيمنة القوى الخمسة في مجلس الأمن، وهي ذاتها دول الصراع في الحربين العالميتين الأولى والثانية باستثناء ألمانيا التي خرجت من حلبة الكبار بعقاب جماعي.
النقلة الأخرى في مستوى العلاقات الدولية، كانت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء حقبة القطبين والتوازن العالمي، انفردت أمريكا في قيادة العالم وكانت ضابط الإيقاع العالمي، ففي حرب الخليج الثانية استطاعت وقف زحف صدام حسين إلى الكويت، وفي 1993 وضعت خطوط الحل للقضية الفلسطينية، بدت أمريكا وحيدة في تلك الحقبة بقيادة العالم، وبدا قرار السلم والحرب من المكتب البيضاوي فقط.
اليوم؛ كل الحديث يركز على العالم الجديد ما بعد كورونا، عالم الانكماش السياسي والاقتصادي والعسكري، عالم الدولة أولا ولعنة العولمة، عالم تحصين البيت الداخلي بعد وهن قطاعات الصحة في أكبر دول العالم مثل الصين وإيطاليا والولايات المتحدة، عالم الانسحاب إلى حدود الدولة.
معظم دوائر صنع القرار في العالم، منهمكة بالحديث والتفكير عن عالم جديد، سبق ولادته، هذا العالم يقوم على هجرة التشاركية، إلا في إطار التشاركية التي تحمي الدولة من الجوار كما هو الحال في كورونا، التي وحدت الأهداف لكنها أفرزت مفاهيم جديدة تقوم على الأنانية الدولية.
لكن المخاطر من هذا العامل الجديد قد تكون كارثية، فهي في نفس الوقت تعني حقبة جديدة من الصراعات الإقليمية، في ظل غياب الضوابط الدولية وتراجع أمريكا وأوروبا عن قضايا العالم، ففي منطقة هشة مثل الشرق الأوسط، لا يمكن تصورها من دون ضابط إيقاع ومحكمة دولية تحجم طموحات دول جامحة، ذلك أن حجم الخلافات المكبوتة كفيلة بتفجر صراعات كبرى خصوصا في ظل غياب المحاسبة.
فإذا كانت المنطقة تعاني من فكرة المليشيات الإيرانية وانتشارها في معظم دول المنطقة، هذا يعني أننا في عالم ما بعد كورونا سنكون في مواجهة مباشرة مع الجارة إيران وفق منطق الغابة وتفكك النظام العالمي الحالي، بل إن مجلس الأمن بحذ ذاته مهدد بالانقراض على غرار عصبة الأمم المتحدة 19 أبريل عام 1946 إذ كان ذلك التاريخ آخر اجتماع لها.
إن انحسار فكرة القوة العظمى الحاكمة في العالم إلى الدولة «القُطرية»، سيفجر خلافات في كل معظم العالم، في فلسطين وكشمير وسورية وليبيا وبؤر صراع أخرى، ذلك أن فكرة الحدود لم تتمكن الكثير من الدول التخلص منها، وما زالت أسيرة طموحات التوسع وإعادة إنتاج «الدولة القومية التاريخية»، التي انهارت مع نهاية الحرب العالمية الأولى.
سيكون الشرق الأوسط أكبر المتضررين من هذا العالم الجديد، ذلك أننا في منطقة غير متوازنة من الناحية الاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والجغرافية. منطقة لا تزال تعاني فيها الدول من فكرة الماضي وأحلام تأسيس إمبراطوريات غابرة. لا يمكن التسليم أن «سايكس بيكو»، وعلى الرغم من مرور مئة عام نجح في تغير الخرائط، اللهم إلا إذا كان مرحليا. وربما سيتم إعلان وفاته في حال ذهبنا إلى عالم جديد.
لكن على ما يبدو أن الخطر الأمني والخلل الدولي قادم لا محال!، إذ إن نخبة من كبار الباحثين الأمريكيين تبشر بفكرة انحسار الدول العظمى عن قضايا العالم، ويرون أن انكفاء دولة مثل أمريكا وتشكل عالم جديد سيزيد الدول الفاشلة ضعفا وما أكثر هذه الدول في الشرق الأوسط، وبالتالي فكرة الانقضاض على الدول الضعيفة باتت متاحة أكثر من ذي قبل.
سيكون العالم في صيغته الانعزالية التي يجري الحديث عنها، أكثر قلقا وجموحا للعنف والسيطرة على المستويات الإقليمية، تنهار مفاهيم الاستقرار والتعاون الإقليمي لحساب مفهوم القوة والضعف.
وبحسب استطلاع نشرته مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية في العشرين من مارس الجاري، يرى الدبلوماسي الأمريكي الشهير ريتشارد هاس، انكفاء الدول على الداخل لسنوات عدة بعد كورونا وربما معارضة الهجرة بأعداد كبيرة، وعدم الرغبة الدولية في مناقشة القضايا الخارجية بما فيها التغيير المناخي. ويذهب مدير مركز العلاقات الخارجية في نيويورك أحد أبرز مراكز صنع القرار في الولايات المتحدة، إلى أن العديد من الدول ستجد صعوبة في التعافي مع ضعف السياسات الدولية وستصبح الدول الفاشلة أكثر ضعفا وانكشافا، فيما سيتخلل الضرر العلاقات الأمريكية الصينية ويضعف التكافل الأوروبي، ووجد هاس إيجابية واحدة وهي حوكمة نظام الصحة في العالم، وعلى الأغلب هذا ينطبق على الدول الغربية ذات المؤسسات العريقة والبيئة الديموقراطية.
جون آلين؛ أبرز جنرالات أمريكا سابقا ومدير معهد بروكينغز، يقول إن الأزمة التي سببها فايروس كورونا ستعيد تشكيل هيكل القوى العالمي بطرق يصعب تخيلها، حيث سيستمر الفايروس بالضغط على النشاطات الاقتصادية وزيادة التوتر بين الدول.
ويضيف في توصيفه للمرحلة القادمة من العالم، إن خطر العزلة سيكون عظيما خصوصا على الدول النامية، وبطبيعة الحال الشرق الأوسط جزء من هذه الدول، إلا أن الأخطر من كل ذلك، ما يراه آلين من أن النظام العالمي سيتعرض لضغط كبير ينجم عنه عدم الاستقرار وخلافات بين الدول وداخل الدول ذاتها.
ويقودنا النقاش الحالي إلى عالم جديد تديره وتحكمه الصين كبديل عن أمريكا بالتحالف مع روسيا، مثل هذه الفكرة ليست مستحيلة في عالم ما بعد كورونا، لكنها في الوقت الراهن لا تتعدى زوبعة في فنجان، وحسب رأي زبغينيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأسبق، فإن دولة كالصين تفتقد كثيرا الجاذبية الحضارية كما يسميها، فهي دولة لا دينية وحالة اجتماعية مغايرة خارج حدود آسيا، تتحدث بأكبر لغة من حيث عدد المتكلمين في العالم لكنها مجهولة عن أوروبا والعالم العربي ودول أخرى وليست كاللغة الإنجليزية، وهي ليست لغة تكنولوجية، بل تحتاج إلى عقود فقط من أجل تصدير لغتها، فضلا عن العبء التقليدي الذي تحدث عنه بريجنسكي في كتابه رقعة الشطرنج الكبرى المتمثل بالشعب الصيني الذي بلغ أكثر من مليار، ناهيك عن الفرق الشاسع بين معدل دخل الفرد بين أمريكا والصين، وبحسب إحصاءات 2018 تحتل الولايات المتحدة المرتبة الرابعة من حيث معدل دخل الفرد في العالم بينما تحتل الصين المرتبة 97، فضلا عن غياب الجاذبية الحضارية حسب تعبير بريجنسكي.
إن قيادة الصين في العالم الذي بلغ عدد سكانها 1.4005 مليار، يعني وباء بشريا من نوع آخر، يفتح المجال لأن تزيل الصين كل كفاءات العالم وتقويض مصالح المجتمعات داخل دولها، فيما لا تتجاوز الولايات المتحدة بكل ولاياتها ال52 أكثر من 400 مليون معظمهم لا يحتاج إلى مغادرة بلاده، بل تشهد أمريكا هجرة من كل دول العالم على عكس الصين التي لا تتسع للصينيين.
ختاما، في منطقة مثل الشرق الأوسط على سبيل المثال؛ لا يمكن مقارنة وجبة ثعابين أو طبق من الخفافيش والحشرات، مع البيبسي والكوكا كولا مع وجبة «ماكدونالد» كنتاكي «كي إف سي».. لذلك ليس هناك نموذج صيني يمكن تصديره إلى العالم، فالصين خلقت كي تبقى في الصين وللصينيين فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.