تقف الأحياء العشوائية في المدن السعودية المختلفة حجر عثرة في وجه الجهود الحكومية المتعاظمة للتمدد العمراني الحضاري الذي يواكب ضرورات العصر، ومحددات التنمية السكانية والاجتماعية؛ وفقاً لمعايير الأمن والسلامة المجتمعية، وما يليق بالمملكة التي شهدت عبر العقود الخمسة الماضية نقلة جبارة في كافة البنى التحتية أسست لدولة عصرية يتمتع سكانها ومقيموها حاليا بقدر وافر من حياة التمدن والرفاهية، إلا أن التمدد السالب في الجهة المظلمة من هذا الواقع الجميل للعشوائيات في الكثير من مدن المملكة، بات يفرز الكثير من الممارسات المهددة لجمال هذه المدن ولأمنها وحتى للتدفق السلس للحياة فيها، فإذا أخذنا جدة مثالا باعتبارها ثاني أكبر المدن السعودية ثقلا سكانيا وعمرانيا بعد العاصمة الرياض، فالصورة السالبة للمدينة الساحلية الخلابة تطل عبر جملة من الأحياء العشوائية تنتشر في قلبها وفي جنوبها وشرقها حتى وصلت حسب تقديرات الأمانة إلى 60 حيا أو يزيد، يقطنها ما يزيد على 1.2 مليون شخص ما بين مواطن ومقيم، كل هذه الأحياء أقيمت بطريقة غير شرعية، ولا يملك أصحاب المنازل والمحال فيها أي صكوك رسمية، ما يستوجب إزالتها بالكامل، وهو أمر يتطلب إجراءات معقدة، وتوفير بدائل تصحح هذا الوضع المهدد لحاضر المدينة ومستقبلها. الخبراء وأصحاب الاختصاص والمهتمون بهذا الشأن أمنوا على وجوب التخلص من هذه العشوائيات درءا للكثير من المفاسد والتبعات السالبة، ويشيرون بذلك إلى تطويق انتشار معدلات الجرائم، والتخلص من التلوث البيئي الذي تلفظه هذه الأحياء في وجه المدينة المتحضرة، وكل مدينة سعودية أخرى شوهت بهذه العشوائيات، إذ يرى هؤلاء أن وجود هذه الأحياء من شأنه أن يزيد من الأعباء المالية على كاهل الدولة، بسبب التكاليف العلاجية الباهظة لمجتمعات لا تلتزم أي معايير للسلامة الصحية والمجتمعية والمرورية، بسبب غياب التخطيط السليم للمباني وضيق المساحات وتجاورها إلى حد يحجب عنها الهواء النقي واشعة الشمس، وإفرازات هذا التقارب المخل من جرائم وتحرشات وفقدان للخصوصيات، وإخلال بالأمن. أخيراً.. في المقابل، من شأن المخططات البديلة أن تمنح مدينة جدة وكل المدن الأخرى المشابهة، إضافة عمرانية متحضرة وملائمة للتطور وللتمدن الذي ينتظم كل العالم، ومتوافقة مع رؤية 2030 التي بدأت تتنزل على الأرض عبر الكثير من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والترفيهية.