أشهر أكاذيب الصلابي: * أنا لست إخوانيا * أمير قطر السابق ساهم في تحرير الجزائر من الاستعمار * أعلنت موقفي الرافض لتدخل الناتو في ليبيا على الجزيرة * ليبيون سافروا إلى الأستانة لطلب النجدة من العثمانيين * قتل السلاطين العثمانيين لإخوتهم أكاذيب مستشرقين منهجه العلمي: * عدم الالتزام بالأمانة العلمية والحياد في النقل من المراجع * استخدام مصادر ضعيفة وغير موثوقة * تحريف وتحوير محتوى المصادر التاريخية * انتقاء ما يتوافق مع توجهاته وإغفال النقيض * الصياغة المؤدلجة للمحتوى صفاته الشخصية: * الكذب * النفاق * الخيانة على خطى نهج الرايخ الثالث في عهد الزعيم النازي أدولف هتلر، حين تعمدت الماكنة الإعلامية للنظام النازي تضليل الشعوب بحملات كاذبة قادها جوزيف غوبلز وزير الدعاية السياسية لألمانيا النازية تحت مبدئه الشهير: «اكذب، اكذب، ثم اكذب حتى يصدقك الناس»، تبنت «ترويكا الشر» في المنطقة (تركيا، قطر، الإخوان) تطبيق هذا المبدأ لتضليل شعوب العالم العربي وتجهيلها، وذلك من خلال توظيف الدعاية الإعلامية المؤدلجة على منصات قناة الجزيرة القطرية والقنوات الإخوانية التي ترعاها أنقرة، إضافة إلى نشر المغالطات التاريخية والأكاذيب والفبركات عبر المسلسلات التركية التي دأبت على تلميع صورة سلاطين بني عثمان، وتوظيف المحتوى الإعلامي كقوة ناعمة عبر حملاتها المبطنة بدعايات سياسية تسير في إطار أجندات الإسلام السياسي الرامية إلى توسيع نفوذها تحت مظلة مشروعها الثيوقراطي القروسطي «الخلافة» الذي انبثق في ظل الفراغات الأمنية والسياسية التي خلفتها فوضى ما يسمى ب«ربيع الثورات». وفي هذا السياق، تبنى تريو «تركيا، قطر، الإخوان» سياسة استقطاب مؤرخين مأجورين وأكاديميين مرتزقة لتزوير التاريخ بمنهجية علمية تنتقي الروايات التاريخية غير الموثقة والمغلوطة وتمول إعادة إنتاجها عبر كتب ومقالات تهدف إلى خدمة أجنداتها السياسية، وهي منهجية ليست جديدة فخلال حقبة «الاستبداد الحميدي» كانت نظارة المعارف العثمانية تشرف من الأستانة على وضع رقابة صارمة على المطبوعات وشتى مؤلفات المؤرخين العرب بما يضمن عدم تعارضها مع توجهات الدولة العثمانية أو وجود أي معلومات تكشف عن مثالب السياسة العثمانية في الدول العربية القابعة تحت احتلالها الغاشم، وكان السلطان عبدالحميد يطلع بشكل مباشر على تلك التفاصيل للتأكد من أنها تخدم سياسات مشروعه «الجامعة الإسلامية» ولا تدعم الحركات الانفصالية في الولايات العربية تحديداً (سيار الجميل، تكوين العرب الحديث، ص 504-505). وفي ظل مشروعات «العثمانية الجديدة»، يعد القيادي الليبي في جماعة الإخوان علي الصلابي من بين أبرز هؤلاء المؤرخين المأجورين الذين دأبوا في السنوات الأخيرة على تزوير التاريخ لخدمة الأجندات السياسية التي تتبناها قطروتركيا وجماعة الإخوان في المنطقة، مقدماً سلسلة طويلة من الأكاذيب في إطار منهجه في التلاعب بالمعلومات التاريخية، من خلال «المراجعات» المؤدلجة وانتقاء «المصادر» التاريخية غير الموثقة التي تعج بها كُتبه، وعبر عشرات المؤلفات والمقالات قام الصلابي بإعادة كتابة التاريخ العثماني وتحريفه كيفما اتفق، ومثال ذلك كتابه «الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط» الذي وظف محتواه المسموم بالأكاذيب والتحريض ضد العرب وتشويه مواقفهم مقابل تلميع السلاطين العثمانيين. ولم يكتف الصلابي بتوظيف منهجه في الكذب من أجل خدمة أجندات «ترويكا الشر»، بل تمادى أيضاً على حساب وطنه ليبيا، ونتيجة لهذا السياق المكشوف، وصف أستاذ علم الحديث والباحث بمجمع ليبيا للدّراسات المتقدّمة محمد العجيل، طروحات الصلابي حول ليبيا بأنها «زندقة إعلامية» وأنها محاولة لتزوير الهوية والتاريخ الوطني الليبي، مؤكداً في تصريحات إعلامية «لا نعرف للصلابي في دراساته حول ليبيا إلا محاولات التزوير للتاريخ». والواضح تماما من تاريخ الصلابي ومواقفه وطروحاته بأنه شخصية راديكالية وسريعة التلون، اجتمعت في شخصه آيات النفاق الثلاث (إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان)، فقد كان معارضاً لنظام معمر القذافي وأصدر فتاوى بتكفيره ثم تزلف لنجله «سيف الإسلام» الذي كان يسعى لوراثة السلطة، وعرض عليه دور الوساطة مع «الجماعة المقاتلة» وهي الفرع الليبي ل«تنظيم القاعدة» ومقابل ذلك أصدر فتاوى بتحريم الخروج على القذافي الأب، ثم انقلب عليه مجدداً لمصلحة الثوار الليبيين، وتاريخه ومواقفه تشهد له أنه كان من السهل استمالته واستغلال ما لديه من حصيلة معرفية في مجال التاريخ الإسلامي والسياسي لتأليف الكتب ونشر المقالات المؤدلجة لدس السم في العسل بانتقاء ما يروق لتوجهاته من روايات تاريخية مغلوطة وغير موثقة في بطون المراجع والعمل على إبرازها في طروحاته المضللة على أنها حقائق دامغة بينما هي في الحقيقة أكاذيب منمقة في منهج علمي وأهدافها منصبة على تحقيق أهداف سياسية مثل شرعنة التدخل التركي في شؤون الدول العربية وتلميع صورة حكام قطر ودورهم في المنطقة وخدمة منهج الإخوان بالترويج لمشروعهم عن «الخلافة». كذبة استغاثة الليبيين بالباب العالي من أخطر الأكاذيب التي روج لها الصلابي أخيراً بهدف شرعنة تدخلات نظام أردوغان الحالية في الشأن الليبي، هو ما ذكره خلال حوار أجراه مع وكالة أنباء الأناضول التركية في التاسع من يناير الماضي، وأدعى فيه بأن العثمانيين دخلوا ليبيا بطلب من أهلها، لتحرير بلدهم من الإسبان، مستنداً إلى رواية تاريخية مكذوبة تفيد بأن «وفداً من مدينة تاجوراء (الليبية) قام بالسفر إلى إسطنبول عبر البحر، طالبًا النجدة من السلطان العثماني سليم الأول ضد الغزاة الصليبيين»، وأنه بناء على مطالب هذا الوفد تحرك العثمانيون لإنقاذ ليبيا التي قبعوا فيها لأكثر من 360 عاماً. ومصدر هذه الرواية التي ذكرها الصلابي هو كتاب (التذكار فيمن ملك طرابلس) الصادر في العقد الرابع من القرن الثامن عشر ويتناول تاريخ ليبيا بين الفتح الإسلامي وحتى ثلاثينات القرن الثامن عشر، وألفه أبو عبدالله محمد بن غلبون، الذي ادعى فيه بأن أهالي طرابلس الغرب «انتدبوا جماعة من أهل تاجوراء وركبوا شينياً (تعني السفينة الحربية) وتوجهوا لصاحب القسطنطينية (الأستانة) يطلبون منه إعانة» (ابن غلبون، كتاب التذكار، ص93)، وهي رواية ضعيفة وغير موثقة وتم تفنيدها وتكذيبها من قبل الكثير من المؤرخين، ومع ذلك يتعمد بعض من المؤرخين الأتراك والمتأتركين الاستناد لهذه الرواية لإعطاء مشروعية للتدخل العثماني الغاشم في ليبيا وشرعنة حكمهم لها، والمعروف أن ابن غلبون ألف هذا الكتاب بأوامر مباشرة من أحمد باشا القرامانلي الوالي العثماني بين عامي 1711-1745. وكان المؤرخ الليبي الشيخ الطاهر الزاوي الذي ولد أواخر القرن التاسع عشر وعاصر نهاية حقبة العثمانيين في ليبيا، وتُعد كتبه توصيفاً حقيقياً لما كانت عليه الحالة الليبية تحت الحكم العثماني ولا تدخل ضمن حملات التشويه والهجوم التي تعرض لها التاريخ العثماني من قبل المؤرخين القوميين العرب المتأثرين بالكتابات الأوروبية حول العثمانية، هو أول من قام بتصحيح وتنقيح وإعادة كتابة ما طرحه سلفه «ابن غلبون» بأسلوب علمي حصيف عبر سلسلة من المؤلفات تعد أبرز المراجع التاريخية وأنقاها حول الحقبة العثمانية وفي مقدمتها كتاب «ولاة طرابلس من بداية الفتح العربي إلى نهاية العهد التركي». وهو أول من فند أكذوبة رواية استغاثة أهالي تاجوراء بالعثمانيين لعدم وجود أدلة تاريخية توثق صحتها، وأوضح الزاوي في تقييمه للرواية: «ومما يشكك في صحة رواية هذا الوفد أن الأسطول العثماني كان موجودا في البحر الأبيض، وأن القواد العثمانيين كانوا يحاربون في الشمال الإفريقي وفي تاجوراء وهذا ما يجعل النجدة قريبة، توفر على الطرابلسيين مشقة السفر إلى الأستانة» (الطاهر الزاوي، تاريخ الفتح العربي في ليبيا، ص387)، ومن الواضح أن ابن غلبون تأثر بشكل أو بآخر بالعلاقة التي جمعته بالحاكم العثماني آنذاك أحمد القرامنلي مؤسس مرحلة حكم الأسرة القرامنلية بعد استيلائه على السلطة، وحاول خلال تلك الحقبة تبرير انقلابه بأنه عملية إنقاذ لليبيا من أوضاعها السيئة بينما في الحقيقة كان القرامنلي شريكا أساسيا في ما آلت إليه الأوضاع من فساد وظلم، وبما أن الوالي العثماني أمر ابن غلبون بكتابة تاريخ ليبيا وتسليط الضوء على عهده، فالمنطق يشير إلى أن الأخير فرض عليه تلميع صورة الحاكم، ومن ما يدل على تلك المآخذ الكثيرة حول ما أرخه ابن غلبون هي تلقيبه للحاكم العثماني أحمد القرامنلي ب«أمير المؤمنين»، وكرر ذلك في عدة مواضع في كتابه «التذكار» (ص162-164)، وقد خصه فقط بهذا اللقب دون من تقدمه من الولاة الآخرين، وهي من الملاحظات المهمة التي أبداها الطاهر الزاوي على ابن غلبون وعلاقته بالحاكم وتأثيره على دقة المحتوى، وإدراكه للملابسات والظروف التي نشأ فيها المؤرخ ابن غلبون ووقوعه تحت طائلة التأثير الإيديولوجي من قبل المحتل العثماني. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يسلط الصلابي الضوء على تلك الرواية الضعيفة التي استشهد بها دون الإلمام بأن هناك من نفاها وكذبها وفندها، خاصة أن الصلابي سبق أن استشهد بالمؤرخ الزاوي في مواضع أخرى، وهذا يدل على غياب أمانته العلمية ومحاولة تضليل القراء عن عمد. كما أدعى الصلابي أن الإصلاحات العثمانية ساهمت في نهضة ليبيا، وهو ما ينافي الوقائع التاريخية الموثقة عبر جهود الباحثين الوطنيين في قائمة طويلة من المؤلفات والمراجع التي تؤكد عدم صحة هذه الروايات، خاصة أن التاريخ الليبي شهد العديد من الثورات والحركات المناوئة للحكم العثماني، ومن الأمثلة على ذلك، ثورة يحيى السويدي (1588-1590)، التي وصفها الرحالة أبو الحسن التمجروتي المعاصر لجزء من أحداثها بقوله: «والترك جاروا على أهل تلك البلاد كثيرا وأفسدوها وضيقوا على أهلها في أرضهم وديارهم وأموالهم حتى استباحوا حريم المسلمين» (سليمان الصيد، النفحة المسكية في السفارة التركية، ص52)، وكذلك ثورة المحاميد بقيادة غومة المحمودي (1835-1858)، والعديد من الحركات الأخرى التي ناهضت الحكم العثماني على مر فتراته، ولكنها فشلت كحال ما جرى في باقي الأقطار العربية التي قبعت تحت سيطرة الاحتلال العسكري العثماني بالحديد والنار فيما اكتفى العثمانيون بجباية الضرائب وعدم تقديم أي خدمات أساسية لصالح السكان كالتعليم والصحة وغيرهما. ويعتبر مجمل العهد العثماني في ليبيا سيئاً، وخلاصة وصفه في المراجع: «كان عهدا أسود استمر 360 سنة عانت طرابلس فيها من الفقر، والجهل، والذل، والفوضى فوق ما يتصوره الإنسان» (كتاب: معجم البلدان الليبية، ط1، 1968، صفحة 27)، وهذا الاقتباس لن نجده في مراجعات الصلابي الذي ينتقي من بين بطون المراجع ما يخدم أجنداته السياسية فقط. «الحمدين» ساهموا في استقلال الجزائر لم يجد الصلابي وسيلة يعبر فيها عن امتنانه للنظام القطري الذي منحه الجنسية ودعم مشاريعه المشبوهة في تزوير التاريخ، إلا بكذبة من العيار الثقيل خرجت من دائرة التضليل إلى التهريج، إذ كتب مقالاً على موقع قناة الجزيرة بتاريخ 15 أبريل 2018، يدعي فيه أن قطر ساهمت في تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي، زاعماً مشاركتها في دعم الثورة الجزائرية بمناصرتها معنوياً ومادياً. والأدهى من ذلك، أكد الصلابي في مقاله أن أمير قطر السابق حمد بن خليفة والد أميرها الحالي تميم، شارك في دعم تحرير الجزائر، موضحاً أن الزائر لمتحف المجاهد بمحافظة الجزائر الكبرى سيجد صورة «الأمير الوالد» حمد بن خليفة وهو ينشط داخل المدارس لجمع التبرعات لدعم حرب التحرير الجزائرية، وشارك في التعبئة الجماهيرية داخل المدارس لمساندة الشعب الجزائري في صراعه مع الاستعمار الفرنسي، وهو ما أثار حينها عاصفة من السخرية على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة أن قطر خلال الحقبة التي يتحدث عنها الصلابي كانت قابعة تحت الاستعمار البريطاني وحصلت على استقلالها في عام 1971 أي بعد استقلال الجزائر بأكثر من ثماني سنوات، وكانت قطر قبل الاستقلال بلداً فقيراً معدماً ومصادر دخله الوحيدة خلال تلك الحقبة هي صيد الأسماك وتجارة العبيد، وهو ما يتنافى تماماً مع ما طرحه الصلابي. لم أدع لتدخل الناتو ومن أغرب أساليب الصلابي في الكذب، ادعاؤه خلال مؤتمر صحفي بأن لديه تصريحات قديمة على قناة الجزيرة تؤكد أنه كان رافضاً تدخل قوات الناتو في ليبيا، بينما بالرجوع إلى ما قاله وجدنا أن الحقيقة عكس ما ذكره. وتفاصيل هذه الفضيحة حدثت في الجزائر حين تحدث الصلابي خلال «منتدى الحوار» في ديسمبر 2018 وانسل لسانه حينها في الكذب بادعائه أنه رفض تدخل الناتو في ليبيا، حيث قال في رده على سؤال وجه له حول رأيه في موقف الجزائر من الأزمة الليبية: «الجزائر كانت ضد التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لليبيا، عكس العديد من الدول العربية مثل المخابرات المصرية، وحتى حلف الناتو -الذي كنت ضد تدخله- وما يمكن أن نؤكد عليه أننا ضد تدخل أي دولة في بلدنا»، ثم قال أمام الحضور: «أنا بالنسبة لي لدي تسجيل واضح في قناة الجزيرة مع السيدة خديجة بن قنة، قلت فيه بأنني ضد تدخل الناتو، ويمكنكم الرجوع إليه»، ويبدو أن الصلابي كان يظن أن لا أحد سيعود للبحث في ما ذكره خلال لقاءات له على قناة الجزيرة عام 2011 ليتأكد من كذبه الفاضح. فوفقاً للقاء الذي أشار إليه الصلابي، فقد أكد خلاله على دعم التدخل الغربي وقوات الناتو في ليبيا، حيث قال في لقاء مع خديجة بن قنة على قناة الجزيرة عام 2011: «لولا الله سبحانه وتعالى ثم أن الله ساق هذه القوات الدولية لكانت في مدينة بنغازي عشرات الألوف من القتلى من الرجال والنساء»، وقبل ذلك اللقاء بأكثر من شهر أيضاً ظهر على قناة الجزيرة القطرية في لقاء أجرته معه الإعلامية فيروز زياني، وقال خلاله: «ندعو المجتمع للتدخل لإنقاذ الناس سواء في الجبل الغربي أو في طرابلس أيضاً.. إنها مأساة كبيرة جداً، وبالتالي المجتمع الدولي أو الناتو لا بد أن يتدخل لإضعاف الآلة العسكرية التي يملكها القذافي ليحرر هذا الشعب ويخرجه من النفق الذي طال أمده لأكثر من أربعين عاماً». وهو ما يثير الدهشة على الدرجة التي وصلها المدعو الصلابي في الكذب البواح. تلميع السلاطين وفي خيانة واضحة للأمانة العلمية، تفرغ علي الصلابي في كتبه عن التاريخ العثماني للاحتيال على القراء ومن بين طروحاته المسمومة بالأكاذيب كتابه (الدولة العثمانية: عوامل النهوض وأسباب السقوط)، الذي قدم فيه كل أنواع التبريرات لتبييض التاريخ الأسود للعثمانيين، ومن بين تلك المحاولات الساذجة التي لا حصر لها في طروحات الصلابي، قيامه بتلميع صورة السلطان بايزيد الأول الذي قدمه بأوصاف مزيفة تخالف الحقائق المذكورة عنه حتى في مراجع المؤرخين العثمانيين والأتراك، بقوله «كان شجاعاً شهماً كريماً متحمساً للفتوحات الإسلامية»، بينما يتغافل ما ذكر في المراجع عن سلوكياته التي اشتهر بها المرتبطة بالمجون وإدمانه للخمور. وقد ذكر المؤرخ العثماني عاشق باشا زاده في كتابه «تواريخ آل عثمان»، أن السلطان بايزيد الأول «يحب حياة السفاهة والخمر والمجون» وهذه هي الحقيقة التي بسببها سقطت الدولة العثمانية في عهده، فبعد أن استتب الحكم له في القصر ببورصة عاصمة العثمانيين -آنذاك- وهو في سن الثلاثين، أجبر المشايخ على تحليل المحرمات ليفعل ما يحلو له بلا رادع، فأحلوا له المسكرات، وساعدته في مجونه زوجته ماريا دسبينا ابنة ملك الصرب لازار التي تزوجها عام 1391م، واستغلت نزواته للسيطرة على مفاصل الحكم من داخل الحرملك، حيث جلبت له الجواري الأوروبيات وأشرفت على إقامة الليالي الحمراء للسلطان، كما تولى وزيره الجاندارلي تنظيم الحفلات الماجنة، بل وامتد الأمر إلى الجيش الانكشاري وثكناته التي امتلأت بكميات من النبيذ المجاني، فأصبحت بؤرة للموبقات، وأفضى ذلك الوضع إلى انهيار الدولة العثمانية بهزيمة ساحقة أمام القائد المغولي تيمورلنك الذي قضى على الجيش العثماني آنذاك وأسر بايزيد في قفص حديدي داخل قصره، وأذله بإجباره على مشاهدة زوجته الصربية دسبينا خاتون تعمل لديه جارية، فمات كمدا، وتفككت إمبراطورية بني عثمان بعد موت بايزيد إلى عدة إمارات صغيرة واستقلت خلالها بلغاريا وصربيا والأفلاق، ولم يبق تابعا للدولة العثمانية إلا قليلٌ من البلدان، ودخل العثمانيون في صراعات داخلية لنحو نصف قرن، وهذه الحقائق لا يتعاطى معها الصلابي لأن منهجه منصب على تلميع السلاطين العثمانيين لدرجة المزايدة حتى على كبار المؤرخين العثمانيين المعاصرين. ومن ضمن محاولات الصلابي الأخرى في تبييض التاريخ العثماني، إنكاره وجود قانون عثماني صدر في عهد محمد الفاتح في القرن الخامس عشر يشرع قتل السلاطين لإخوتهم (شريعة قتل الإخوة) بهدف استقرار حكمهم وضمان عدم تمرد الإخوة، رغم أن الكثير من كبار المؤرخين الأتراك أشاروا إلى البند الخاص بقتل الإخوة ضمن مجموعة «القانون نامه» (تعني كتاب القانون)، والذي ينص على: «أي شخص يتولى السلطة من أولادي، فمن المناسب ان يقتل الإخوة من أجل نظام العالم، وأجازه أكثر العلماء فليعملوا به». وأدعى الصلابي أن القانون المذكور مدسوس من مؤرخين معادين للدولة العثمانية، وأشار إلى أن أول من سمى هذا القانون بقانون قتل الإخوة هو أحد المؤرخين «الغربيين» المعادين للدولة العثمانية دون أن يحدد من هو ذلك المؤرخ، ولكن لو كان الأمر كما يدعي الصلابي لما أشار كبار المؤرخين الأتراك لذلك وعلى رأسهم المؤرخ التركي المعاصر خليل اينالجيك في كتابه (تاريخ الدَّولة العثمانية من النُّشوء إلى الإنحدار، ص98-97)، إضافة إلى المؤرخ التركي يلماز أوزتونا عبر مؤلفه الشهير (موسوعة تاريخ الإمبراطورية العثمانية السياسي والعسكري والحضاري). وحتى إذا افترضنا أن ادعاءات الصلابي الركيكة كانت صحيحة حول عدم وجود وثيقة في القانون العثماني عن «قتل الإخوة»، فهو لا يستطيع أن ينكر الوقائع والمصادر التاريخية التي تثبت أن «قتل الإخوة» كان موجودا وأصبح عرفاً متوارثاً لدى غالبية السلاطين بهدف تثبيت حكمهم، حيث ارتكب هذه الجريمة غالبية السلاطين وعددهم 36، باستثناء 9 منهم فقط، وبلغ إجمالي عدد الأمراء العثمانيين الذين قُتلوا على أيدي آبائهم وأشقائهم وفقاً لشريعة «قتل الإخوة والأقارب» 121 قتيلاً، وتبين المراجع التاريخية التي تطرقت إلى هذه الحوادث، بأن مسلسل القتل في السلطنة العثمانية ظهر منذ نشأتها، ابتداء من المؤسس عثمان الذي قتل عمه دوندار حتى ينفرد بالحكم، ثم مراد الأول الذي قتل أخويه خليل وإبراهيم وابنه صاووجي، وكذلك قام السلطان سليمان القانوني بقتل ابنه مصطفى، كما أعدم بايزيد شقيقه يعقوب خنقاً، والسلطان محمد جلبي قتل أخويه عيسى وموسى، وسليم الأول قتل أخويه كوركود وأحمد، ومراد الثالث قام بإعدام 5 من إخوته، وكان من أبشع جرائم «قتل الإخوة» ما حدث على يد السلطان محمد الثالث الذي أمر بقتل 19 أخاً له كان من بينهم 3 رضّع و5 أطفال أعمارهم بين 3 و6 سنوات، بالإضافة إلى قتل ابنه الأمير محمود، بل وامتدت هذه العادة إلى الجواري السلطانات أيضاً، فالسلطانة كوسيم أزاحت ابنها السلطان إبراهيم من العرش وقامت بتسليمه إلى الجلاد ليعدمه بعد عزله ب10 أيام في العام 1648، وقامت السلطانة جوهرهان بقتل أبناء أخيها السلطان مراد الرابع، وكل ذلك بهدف تثبيت الحكم لأبنائهم، ولا شك أن قائمة القتلى طويلة ولا مساحة لحصرها جميعاً.وهذه الوقائع التاريخية لا يمكن أن نشاهدها في كتب المؤرخ المأجور علي الصلابي، الذي يعتقد خاطئاً أن جميع القراء سوف يتقبلون الكم الهائم من التزييف والغثاء المسموم الذي تعج به كتبه ومقالاته دون أن يتقصوا ويبحثوا وراء تزييفه وطرحه المؤدلج في إطار خدمة الأجندات السياسية التي تسعى إليها قطروتركيا والإخوان الإرهابية. وقبل أن نختم، ربما يجدر بنا أن نطوي هذه الصفحة عن تاريخ الصلابي الذي يثبت دوماً أنه يكذب كما يتنفس، بإحدى أكاذيبه وتناقضاته «المضحكة المبكية» التي لا تحتاج إلى تقص، فقد ادعى بأنه لا ينتمي لتنظيم الإخوان، قائلا في تصريحات مسجلة بالصوت والصورة أواخر عام 2018: «لست إخوانيا.. لكن متأثر بمدرسة الإخوان»!. سيرة «قرضاوي ليبيا».. المطلوب 23 علي محمد الصلابي المولود عام 1963 في بنغازي ثاني أكبر مدن ليبيا بعد العاصمة طرابلس، قيادي في جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، وهو المطلوب رقم 23 على قائمة الإرهاب في الدول الأربع (السعودية ومصر والإمارات والبحرين) المقاطعة لقطر، وهي القائمة التي تضم 59 فرداً و12 كياناً، وذلك لانخراطه في عسكرة ثورة فبراير وضلوعه في أعمال العنف والإرهاب التي صاحبتها، عبر تصريحاته التحريضية على منبر قناة «الجزيرة» القطرية، وارتباطه بالقيادي في تنظيم القاعدة عبدالحكيم بلحاج من خلال تشكيل ما سمي ب«المجلس العسكري بطرابلس». بدأ مسيرته في عالم السياسة من بوابة معارضة نظام معمر القذافي والاصطفاف مع الجماعات الإرهابية، وفي العام 2008 تغيرت مواقفه إلى النقيض بتقبله دعوة مغرية من نجل القذافي سيف الإسلام للانضمام إلى مجلس أمانة مؤسسة القذافي والمشاركة في خطته الإصلاحية «ليبيا الغد»، ليعلن في غضون ذلك حرمة الخروج على الحاكم ويساند نظام القذافي، كما أدى دور الوسيط بين أعضاء الجماعة الليبية المقاتلة والحكومة الليبية نظراً لصلته بالجماعة، مساهما في الإفراج عن عدد من أعضاء الجماعة المقاتلة من السجون، ويحظى برعاية مباشرة من مفتي قطر يوسف القرضاوي ويعمل معه في ما يسمى ب«الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» الذي يعج بالتكفيريين والمتطرفين سواء المنتسبين للإخوان أو من الموالين لهم، ونظراً لقربه من مفتي قطر السابق واستنساخه لفتاويه التكفيرية أصبح يلقب ب«قرضاوي ليبيا». في العام 2011 عاد الصلابي إلى معارضة نظام القذافي وأفتى بتكفيره والخروج عليه ورفع السلاح ضد نظامه، وبشكل سريع أنضم مع الجماعات المتطرفة المدعومة من قطر، داعماً وصول قيادات الإخوان إلى سدة الحكم في ليبيا، ويقيم حالياً في قطروتركيا ويحمل جنسيتيها، وتشير العديد من التقارير إلى أنه يدير ميليشيات مسلحة في ليبيا من أماكن وجوده في الدوحةوأنقرة. وهو سليل أسرة ضالعة في شؤون الإرهاب والتطرف، إذ يقود علي الصلابي مع أشقائه أسامة وإسماعيل وخالد إضافة إلى عبدالمجيد ابن شقيقه أسامة الصلابي، جماعات إرهابية في ليبيا تشارك في العمليات المسلحة منذ اندلاع الحرب الأهلية الليبية في أعقاب ثورة 17 فبراير 2011، والتي صعدت على إثرها التيارات الإرهابية المتطرفة والمشاركة في تأسيس حكومة من المحسوبين على تنظيم الإخوان تحت ما يسمى ب«حكومة الوفاق». ويؤدي علي الصلابي، الشقيق الأكبر لهذه الأسرة التي تحولت إلى «خلية إرهابية»، دور الوساطة مع الجهات الممولة للجماعات المسلحة، في حين يقوم شقيقه أسامة بأدوار تشريعية بإطلاق فتاوى الإرهاب والقتل للجماعات المارقة، أما الإرهابي المعروف إسماعيل الصلابي فهو قائد ميداني لعدد من الميليشيات الإرهابية من بينها كتيبة «راف الله السحاتي» الإرهابية و«ميلشيا مجلس شورى بنغازي»، وترتيبه ال26 في قائمة المطلوبين الإرهابيين التي وضعتها الدول العربية الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية ومصر والإمارات والبحرين) وذلك على خلفية ضلوعه في العديد من العمليات الإرهابية الممولة من قطر، أما الشقيق الأصغر خالد الصلابي فتشير تقارير إعلامية متداولة إلى أنه رجل أعمال لديه شركة شحن ويحمل الجنسية الإيرلندية، وينشط في عمليات تهريب السلاح وإيواء الإرهابيين، أما عبدالمجيد ابن أسامة الصلابي فكان مشاركاً كمقاتل ضمن المليشيات المسلحة إلى أن تعرض إلى إصابة بليغة في محور اليرموك افقدته إحدى قدميه في أكتوبر الماضي.