استبشر الوسط التعليمي والمهتمون بالتعليم خيراً بتصريح معالي وزير التعليم د. حمد آل الشيخ عبر قناة روتانا خليجية حول إعادة العمل ببرامج إعداد المعلم. ولا يخفى على ذي لُبّ الحاجة الماسة والضرورية لمثل هذه البرامج نحو مزيد من تجويد مخرجات المؤسسات التعليمية في بلادنا، وقد كنت -على الجانب الشخصي- لم أجد قرار إيقافها مقنعاً منذ البداية؛ فبالرغم من عدم كون تعليمنا يواكب الطموح ويزخر بجودة الناتج، إلا أنه لا يحق لنا أن نوقف إشارة المرور التي تنظم السير في حال وجد من يتجاوزها مخالفاً بل يجب أن نوجد النظام الذي يحمي وينظم حركة السير، وأن كافة المؤشرات التي عكستها نتائج الاختبارات الدولية لا تزال تؤكد على عمق أزمة التعليم والحاجة إلى نقلة نوعية لا يختلف المتخصصون على أن أساس هذه النقلة لا بد وأن ينطلق من المعلم. فحينما يكون أكثر من 80% من معلمي المرحلة الثانوية بمؤهلات الحد الأدنى المطلوبة للتدريس في هذه المرحلة! كما ذكره تقرير البنك الدولي عن التعليم في منطقة الشرق الأوسط، إنه لرقم مخيف ولا بد وأن يقض مضاجع الغيورين على نهضة الوطن، وهذا ما حدث بعد أن أعلنت الوزارة عن حزمة إصلاحات تستهدف فيها جذر المشكلة؛ حيث تحدث معالي الوزير حول أن ما يجري الآن من عمل لإعداد قرارات ومشاريع تعليمية متنوعة ليس مقتصراً على التطوير فقط؛ بل صرّح بأنه «إصلاح»، والمهتم بالشأن التعليمي يستطيع أن يلمس بكل وضوح مدى الإصرار والطموح نحو إعادة ترتيب الأولويات والتي على رأسها إعادة النظر في معايير قبول المعلمين والمعلمات عبر إقرار برامج خاصة تعدهم ليتحملوا هذا الأمانة العظيمة بكل اقتدار. يدعم ذلك ما أشار إليه تقرير أساليب التدريس المبتكرة لتحويل التعليم 2019م من أن أحد عوامل أزمة التعليم العالمية هو أن العديد من الدول (لم تستثمر بشكل كافٍ في المعلمين) لتلقي التدريب المناسب. وفي رأيي أنه -وإن كان واقع التعليم لدينا ليس مثالياً- فإن الميدان التعليمي لا يزال زاخراً بمن يملك الإخلاص والرغبة في صنع الفارق من معلمين ومعلمات وقادة وقائدات المدارس، لذلك لا بد من مواصلة استهداف هؤلاء بالبرامج التدريبية التي تصقل مواهبهم وتطور من قدراتهم حتى نتدارك مستقبل الأجيال الحالية ولا نبقى منتظرين لنتائج قد لا تظهر إلا بعد سنوات، وهنا أود أن أشير إلى ما أورده «إيريك جنسن» في كتابه الثمين «التدريس الفعال»، حيث نقل عبارة جميلة تقول: (البعض ينظر إلى الأشياء الكائنة بالفعل ويتساءل: لماذا؟، بينما يحلم البعض بأشياء يمكن أن تتحقق ويقول: لِمَ لا؟). وأنا لا أحلم بأشياء يمكن أن تتحقق فقط؛ بل إنني واثق -بإذن الله- من تحققها بالنظر إلى الثروة البشرية التي نمتلكها والتي يراهن عليها دائماً مهندس رؤية 2030 ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان -حفظه الله-، وبالنظر أيضاً إلى ما نحظى به من وجود كوادر تعمل بإخلاص للوصول بتعليمنا إلى ما تصبو إليه القيادة الرشيدة بدعم سخي من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-. * كاتب سعودي muaqel@